البحث

التفاصيل

صناعة المعروف

نص حديث لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرتقي بالإنسانية من أنانية الطمع إلى سلامة الطبع، من العداوة الطاغية إلى المحبة الصادقة، يقول فيه نبي الرحمة "صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب"، هي صناعة إذا لأنها تحتاج إلى مهارة في معرفة المحتاج ومهارة في مساعدته دون إراقة ماء وجهه.

إن الإسلام يقرر على لسان نبي الهدى أن "أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله -عز وجل- سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أوتقضي عنه ديناً، أوتطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظاً، ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له، أثبت الله -تعالى- قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل" وهذا مزية لا تجدها إلا عندما يحتاج إليك الغير.

إن من نعم الله على العبد أن يجعل حاجة الناس إليه، وأن يسخره لقضاء حوائج الناس، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ لِلَّهِ أَقْوَامًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، وَيُقِرُّهَا فِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا"، لكن الخطورة أن يحجب البعض عن الغير فضل عطاء الله عليه، بل هو بذلك يستدعي غضب الله عليه بمحو تلك النعمة، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا عَنْهُمْ وَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ".

طوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، فتلك منحة ربانية، وهي لا تختص بقوم دون آخرين، لا تختص بالأغنياء دون الفقراء وإن كانت منهم أرجى، ولا بالأصحاء دون المرضى وإن كانت منهم أولى، بل هي لصاحب الخير وإن كان يسيرا، قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا تحقرنّ من المعروف شيئًا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تكلّم أخاك ووجهك إليه منبسط".

أن تدل الناس على الخير أو تشفع لهم فهذا معروف وصاحبه من الزمرة المختارة عملا بقول المصطفى "اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم- ما شاء"، ويدل على فضل الشفعة ما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الرجل ليسألني الشيء، فأمنعه حتى تشفعوا فيه فتؤجروا".

لقد جعل الله ثمرات عدة لمن رزق مساعدة الغير منها:

صرف البلاء وسوء القضاء عنه في الدنيا، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة".

ومنها بشارة بالجنة لمن كانت هذه حاله، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وإن أول أهل الجنة دخولاً أهل المعروف".

وفيها دليل على مغفرة الذنوب والنجاة من عذاب وأهوال الآخرة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم فقالوا: أعملت من الخير شيئاً؟ قال: لا. قالوا: تذكر، قال: كنت أداين الناس فآمر فتياني أن ينظروا المعسر ويتجوزوا عن الموسر، قال: فقال الله أنا أحق بذا منك تجاوزوا عن عبدي".


: الأوسمة



التالي
الفكر اليساري في ميزان الوعي الإسلامي

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع