البحث

التفاصيل

عرفات المشهد المهيب

الرابط المختصر :

يوم تقشعر الأبدان منه هيبة له وإجلالا لفضله، يوم ترى الناس فيه سواء فلا غني مستكبر ولا فقير مستذل، ولا شريف بحسب يرتفع ولا ضعيف الشأن يبتذل، منظر مهيب حقا،، العيون باكية، الابصار خاشعة القلوب وجلة، النفوس منكسرة، الايدي مرتفعة الكل يرفع لله حاجته وهو موقن بنفاذها مهما كانت عليه عسيرة،

تجلس لا تتمايز عن غيرك ولا تفهم لغة من بجوارك وتكاد تخبرك الدموع وحرقتها والعيون ولهفتها والانكسار الحاصل ما عجزت اذنك عن ترجمته..

إنه موقف مصغر ليوم الحشر؛ حيث يقف الناس في عرفات مجردين من كل شيء، بازار ورداء مثل الكفن تماما، تذكرك ثيابهم بأكفان الموتى، وتجمعهم في صعيد عرفة بيوم الحشر، حتى ميقات إحرامهم المكاني والزماني يذكرك بالميقات المكاني والزماني للموت (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس باي أرض تموت).

القلوب صاغرة منكسرة لأنهم في يوم المغفرة والمرحمة، يوم من الأيام التي اقسم الله بها في كتابه الخالد، هو اليوم الذي يرى فيه إبليس صاغرا حقيرا كسيرا، هو اليوم الذي أقسم الله به، والعظيم لا يقسم إلاّ بعظيم، فهو اليوم المشهود في قوله تعالى: "وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ" [البروج: 3].

هو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتم النعم على المسلمين

ففي يوم عرفة نزل قوله سبحانه وتعالى: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا "[المائدة: 2].

هذه الآية العظيمة التي قال عنها اليهود وقد فهموا معناها، قالوا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه إنكم معشر المسلمين تقرؤون في كتابكم آية لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، فقال عمر لهم: وما تلك؟ قالوا هي قوله تعالى: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"؛ فقال عمر رضي الله عنه: والله إني لأعلم في أي يوم أنزلت وفي أي ساعة أنزلت وأين أنزلت وأين كان رسول الله — — صلى الله عليه وسلم — — حين أنزلت: أنزلت ورسول الله فينا يخطب ونحن وقوف بعرفة هكذا قال عمر.

وإكمال الدين في ذلك اليوم حصل لأن المسلمين لم يكونوا حجوا حجة الإسلام من قبل فكمل بذلك دينهم لاستكمالهم عمل أركان الإسلام كلها، ولان الله أعاد الحج على قواعد إبراهيم — عليه السلام — ونفى الشرك وأهله فلم يختلط بالمسلمين في ذلك الموقف منهم أحد.

وأما إتمام النعمة فإنما حصل بالمغفرة فلا تتم النعمة بدونها كما قال تعالى لنبيه — صلى الله عليه وسلم —: "ليَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا" [الفتح: 2].

اللهم تقبل من حجاج بيتك كلهم فأنت أكرم من أن يرد سائلا ناجاه

واكتب لمن لم يحج الأجر واجعله في قابل عامه هناك.


: الأوسمة



التالي
هل كان الكواكبي علمانيا؟
السابق
مؤتمر للسنة أم مؤامرة على أهلها؟!

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع