البحث

التفاصيل

شكرا تركيا .. لماذا ولمن وكيف ??


أقامت الجاليات العربية والإسلامية في تركيا مهرجانا احتفاليا تحت عنوان (شكرا تركيا)، واستمر المهرجان ثلاثة أيام، شارك فيه بعض الرموز السياسية والحكومية من تركيا، وألقوا بعض كلمات أثناء المهرجان وبعده.... وقد شاركت في هذا المهرجان لكني وبعد انتهاء اللقاء أحببت أن أضع هذه الأسئلة الثلاثة مجيبا عنها:


السؤال الأول: لماذا؟ لماذا هذا الشكر؟


والحق أن الشكر موجه إلى تركيا ليس لمواقفها تجاه الآخر وفقط...


(شكرا تركيا)  ليس لأنها ناصرت غزة، وحاولت فك الحصار مرارا وتكرارا..


(شكرا تركيا) ليس لأنها جعلت القضية الفلسطينة من أولى قضاياها، وأهم اهتماماتها وفقط.


(شكرا تركيا) ليس لأنها آوت المهجرين والمطاردين من سوريا والعراق واليمن ومصر وفلسطين... وفقط..


(شكرا تركيا) ليس لأنها عادت المستبدين، وناصرت الضعفاء... وفقط.


وإنما (شكرا تركيا) لموقفها أولا من نفسها، إن تركيا تستحق الشكر لأنها انتصرت على الديكتاتورية المستبدة، فأحسنت في توجهها الديمقراطي فاختارت أردوغان بحسه الإسلامي، وعمقه العربي، وبعده الإنساني..


(شكرا تركيا) لأنها نجحت في تقديم نموذج إسلامي حضاري، يخدم قضايا أمته الإسلامية ولا ينسى قضايا وطنه التركي..


(شكرا تركيا) لأنها غلبت القيم والمبادئ على المصالح والمنافع، وهذا عزيز في عالم السياسة..


(شكرا تركيا) لأنها راعت الجانب الإنساني في كل قضاياها، فلم تهتم بالضعيف المسلم أو المقهور المسلم، وإنما عطاؤها للإنسان مهما كان دينه أو عرقه أو لونه أو جنسه..


(شكرا تركيا) لأنها حافظت على تراثها الإسلامي الأصيل وعادت إليها ثانية فأعادت الحجاب، وأعادت المراكز الإسلامية، وأعادت الروح الإسلامية –ولو بجزء ما إلأى الحياة اليومية ثانية...


(شكرا تركيا) لأنها استطاعت أن تتقدم وفي سنوات معدودة نحو القمة في أشياء كثر، لتسد عجز ميزانيتها وتقرض البنك الدولي 5 مليارت وغيرها يقترض..


(شكرا تركيا) لأنها في سنوات معدودة أصبحت ضمن أقوى 20اقتصاد في العالم..


(شكرا تركيا) لأنها رفعت من مستوى دخل فردها ليكون أعلى من مستوى الفرد في فرنسا...


(شكرا تركيا) لأنها اهتمت بالعلم والعلماء حتى أضحت ميزانية التعليم أعلى من ميزانية الدفاع.


(شكرا تركيا) لأنها قدمت نموذجا إسلاميا اهتم بالدنيا ولم يغفل قضايا الدين، استخدم الديمقراطية ولم يغفل ثوابت الشرع... وبهذا قضت على شخطيئة فصل الدين عن السياسة، وشائعة أن التقدم الحضاري يستوجب نبذ الدين..


السؤال الثاني: شكرا لمن؟


وأما الشكر فهو موجه للشعب التركي كله، بكل أطيافه وأشكاله وألوانه..


(شكرا تركيا) قيادة وشعبا...


(شكرا تركيا)  أغلبية وأقلية...


(شكرا تركيا) حكومة ومعارضة....


نعم الشكر لهؤلاء جميعا لأنهم انتصروا على أنفسهم وغلبوا القيم والمبادئ على المصالح الشخصية، فانتصروا للصندوق الذي أتى بأردوغان، وحين نشكر أردوغان فأننا نشكر من خلفه ومن أفراد شعبه فردا فردا وحزبا حزبا ومؤسسة مؤسسة.


(شكرا تركيا) لأنهم حققتم أخلاق الكرماء، وصفات النبلاء، وصرتم كما قالت خديجة في النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح: (أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ)..


السؤال الثالث؟ (شكرا تركيا) كيف؟


وأما كيفية الشكر فهذا هود دور الجاليات العربية والإسلامية التي احتضنتها تركيا، وآوتها المؤسسات الرتركية، وكانوا معهم أنصارا ولو بصورة ما...


إن طبيعة الشكر هذه تكمن في نقاط سريعة أقدمها لإخواننا في تركيا من الجاليات العربية والإسلامية:


1.   (شكرا تركيا) ليس شعارات تقال ولا لافتات ترفع ومهرجانات تقام؛ لكنها مواقف تتخذ، وقرارات تطبق، وبرامج تنفذ، ومشاريع تتم...


2.   (شكرا تركيا) يكون باحترام تركيا كل تركيا، احترام قوانينها وأعرافها وتقاليدها.


3.   (شكرا تركيا) بإيجاد حلول فاعلة لأزمات الجاليات العربية والإسلامية، وعدم انتظار كل شيء من تركيا فما تركيا إلا دولة مهما كبرت، وهي لا تدير العالم ولا تخطط له، حسبها أن تشاركنا الهموم والحلول.


4.   (شكرا تركيا) بتجميع صفوف كل جالية، وتوحيد كلمتها، والبعد عن سفاسف الأمور والانشغال بمعاليها....


5.   (شكرا تركيا) يتحقق فعلا بتغليب المصالح العامة على المصالح الخاصة، والبعد عن (الأنا) الفردية للوصول إلى الروح الجماعية.... فوحدة صفوف الجاليات العربية والإسلامية فيما بين نفسها، وما بينها وبين الجاليات الأخرى فريضة شرعية وضرورة بشرية، وعند الترمذي وغيره:" يَدُ اللَّهِ مَعَ الجَمَاعَةِ".


6.   (شكرا تركيا) بعدم تكليفها من الأمر ما لا تطيق فلا هي بــ (دار الخلافة) ولا حاكمها بـ (خليفة المسلمين)، وإنما هي دولة تشهد لها مواقفها تجاه قضايا الأمة بأنها الأكثر عطاء، والأفضل موقفا، والأغزر تضحية... لكنها دولة منصفة في نظام عالمي رضي أن يكيل بمكيالين بل بمكاييل متعددة وهو غير راض عن مواقف تركيا..


7.   (شكرا تركيا) بالبعد عن الخطب الرنانة، والمواقف المفتعلة، والتصريحات (العنترية)، فبلادنا ضجت ببعض التصريحات يوم أن كنا فيها؛ فكيف ببلد نزلنا عليه ضيوفا، وما أروع ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لحذيفة يوم الخندق كما في الصحيح:" اذْهَبْ فَأْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ، وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ"، فرحم الله رجلا وجالية وفصيلا لم يؤلب الأعداء على تركيا..


8.   وأخيرا: (شكرا تركيا) بتقدير الضغوط التي عليها، والمؤامرة الكبرى التي تدبر لها ليل نهار من بني جلدتنا وممن يتسمون بأسمائنا...


حفظ الله تركيا، ونصر الله الشعوب المظلومة المقهورة... وحرر الله البلاد المحتلة ،،، والله مولانا... وهو نعم المولى ونعم النصير...




د أكرم كساب 

مستشار التدريب بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية (سابقا)

المدير التنفيذي لرابطة علماء أهل السنة


: الأوسمة



التالي
الاتحاد يندد بالقصف الوحشي على حلب
السابق
حملة رسالة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع