البحث

التفاصيل

د. العودة: السُّنة الإلهية لا تجامل أحدًا وقد يهدأ الربيع ثم يعود

في حواره مع مجلة "خفوق" د. العودة: السُّنة الإلهية لا تجامل أحدًا وقد يهدأ الربيع ثم يعود  

 

حوار/ سعد العبد الله  

    
على الحركات الإسلامية أن تتواضع وتعترف بحق الاختلاف معها

وجه فضيلة الدكتور سلمان بن فهد العودة، الأمين العام المساعد لاتحاد العلماء المسلمين نصيحته للحركات الإسلامية المختلفة، بأن تتواضع وتعترف بحق الآخرين في الاختلاف معها، خاصةً مع وجود حركات إسلامية أخرى قد تختلف في رؤيتها ، إضافة إلى السواد الأعظم ممن لا ينتمون لحركة إسلامية ولديهم قدر من الإيمان والالتزام.

واعتبر د. العودة أن الثورات العربية لا يقف خلفها إلا شعوب ذاقت الذل والهوان ، مشيراً إلى أنّ ادّعاء المؤامرة هروب من مواجهة الحقائق والتعاطي معها بمسؤولية.  وأكد السُّنة الإلهية لا تجامل أحدًا، وقد يهدأ الربيع فترة ليعود من جديد.
وأكد أن السُّنة الإلهية لا تجامل أحداً، وقد يهدأ الربيع فترة ليعود من جديد ويعصف بمن تنطبق عليه السنَّة، وهي فرصة لدول عربية أن تصلح أوضاعها على قاعدة: (بيدي لا بيد عمرو).


وحول قضايا الاختلاف وتجربة الإخوان والسلفيين بمصر والقضية السورية ومفهوم الخروج على الحاكم ومشاكل الشباب وقضايا أخرى يدور الحوار:

 - من هو قدوة الدكتور سلمان العودة في الحياة؟

القدوة العليا هي الرسول -صلى الله عليه وسلم- المعصوم المؤيَّد بالوحي، ثم التأسِّي بالصالحين المهتدين (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)(الأنعام: من الآية90).

والقراءة في سير الأعلام والنبلاء والفضلاء تزيد الهمة وتبني الطموح، وكان عمر يقول: عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة.

- كم من الوقت يقضيه الدكتور سلمان العودة في القراءة يوميًا؟

يختلف بين وقت وآخر، والآن معظم وقتي للقراءة، لأنني أعدّ لبرامج إعلامية.

وأحيانًا أكون في إجازة عن القراءة إلا قليلًا.

والغالب أنني أقضي بضع ساعات في القراءة يوميًا، سواء كانت قراءة من كتاب ورقي أو كتاب إلكتروني، أو تصفح مواقع ومقالات وبحوث.

- كيف ينظم الدكتور سلمان العودة وقتـه بين الكتابة والبرامج التلفزيونية والدعوة والواجبات الأسرية الاجتماعية؟

الوقت مبارك إذا أُحسن استثماره، وقابل للتمدُّد، وقد استفدت كثيرًا من الاستمتاع بالعمل حتى إني لا أشعر بالملل أو الاستثقال، وخاصة مع التنويع بين قراءة وكتابة ومشاهدة وبحث ومجالسة، وشعاري دائمًا الاستفادة ممن حولي أيًا كانوا، فأستمع لحديثهم وأشاركهم حوارهم، وأستزيد، مستحضرًا قوله تعالى: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) (طـه: من الآية114).

ولا أزدري أحدًا قد يكون أصغر سنًا أو أقل معرفة ولكن لديه ما يضيفه إلى معرفتي.

- بمقارنـة أشرطة العودة القديمة كـ (الشريط الإسلامي ماله وما عليه، رسالة من خلف القبضان) ببرنامج حجر الزاوية نجد اختلافًا كبيرًا في: الأسلوب / الأفكار / المفاهيم / الخطاب الديني الذي اختلف 180 درجة، ما هي أسباب هذا التغير؟

التعبير بـ(180 درجة) تجاوز كبير، وهو ناتج عن عدم التأمُّل وعن السرعة في الحكم، أما التغيير فهو صحيح، وأعتقد أنه نحو الإيجابية والتسامح وتجاوز المعارك الشخصية والجزئيات الصغيرة نحو القضايا الكلية والمشتركات والخطاب الواسع للعالم الإسلامي بمختلف ظروفه وثقافاته ومكوناته.

- وهل يعد الدكتور هذا التغيير في الطرح إيجابيًا أم سلبيًا؟

لا أحد من العقلاء يتجه إلى تغيير سلبي وهو يعتقد أنه سلبي, لكن هناك من يحكم بنفسه, وهناك من يحكم من خلال غيره. التغيير فطرة وضرورة لكل البشر, والفرق عندي بين القديم والجديد مثل الفرق بين الصورة الفوتوغرافية الثابتة الجامدة وبين الصورة المتحركة المعبِّرة عن الحياة (الفيديو).

* أول حلقات "حجر الزاوية" كانت عن الجهاد في فترة كانت تشهد المنطقة غليانًا سياسيًا فكريًا بسبب حرب العراق سنة 2003 بالإضافة للحرب على طالبان وما تبقى من فلول القاعدة بباكستان وأفغانستان، إذ ذكر الشيخ سلمان أن الجهاد واجب على ذوي القدرة وهو جهاد الدفاع، ولا يشترط له ما يشترك لجهاد المبادأة والطلب، ولا يلزم له وجود قيادة عامة وإنما يعمل في ذلك قدر المستطاع.. هذا الحديث وغيره يقودنـا للأسئلة التالية:

- ما هو معنى الجهاد الحقيقي؟

الجهاد هو بذل الجهد في إحقاق الحق وإبطال الباطل؛ سواء كان باللسان أو باليد أو بالمال، أو بأي مجهود فردي أو جماعي.

ويدخل فيه القتال المشروع؛ الذي هو مقاومة المعتدي، ودفع الصائل، وحماية الأرض، والعرض، والدين.

- ما الفرق بين الجهاد في سبيل الله والحياة في سبيل الله وأيهما أعظم؟

الجهاد شُرِعَ لإقامة الدين وحماية الدنيا، فالحياة في سبيل الله هي الأصل الأعظم والجهاد الأكبر, بما في ذلك الدعوة إلى الله والسعي في الإصلاح بالكلمة والعمل مع الصبر وطول النفس.

والجهاد هو وسيلة وليس غاية، فالله يحب حياة المؤمنين ويكره موتهم, ولكنه شيء لابد لهم منه، ولديَّ محاضرة طويلة عنوانها: (الحياة في سبيل الله) يمكن مراجعتها.

- "ما هو المعنى الصحيح لمفهوم قتال الأعداء عند لقياهم؟

هذا اللفظ مُركَّب من عدَّة آيات، وليس آية واحدة.

الآية الأولى: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) (النساء: من الآية91)، والمقصود هنا إجماعًا: قتل المحاربين وليس قتل الآمنين أو المعاهدين أو الغافلين؛ الذين لا علم لهم ولا محاربة.

والآية الأخرى: (هُمُ الْعَدُوُّ) (المنافقون: من الآية4)، وهي في المنافقين، والمنافقون يجاهدهم المسلمون ولكن لا يقاتلونهم؛ لقوله تعالى: (جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ) (التوبة: من الآية73)، ومعلوم كيف تعامل معهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالكفِّ عنهم، وأخذهم على ظاهرهم، وترك سرائرهم إلى الله.

- حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب" و" من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب"، كيف يمكننا الربط بينهما؟

لعل السائل يقصد حديث: (من آذى ذميَّا فقد آذاني)، وهو حديث ضعيف.

أو حديث: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» رواه البخاري وغيره.

والحديث ليس خطابًا لآحاد الناس، وإنما لمن يملك أمر إخراجهم من الخلفاء والأئمة. وليس المقصود إخراج أفرادهم، وإنما المقصود ألا يوجدوا على شكل طائفة أو مجتمع مثلما كان قائمًا من قبل في المدينة أو خيبر.وجزيرة العرب مختلف في حدودها على ما هو شائع بين علماء اللغة والحديث وغيرهم.

والأمر بالإخراج ليس أمرًا بالقتل.

* مما لا شك فيه أن تعدد الحركات الإسلامية كـ (السلفية والسرورية والإخوانية) في المنطقة وطرح كل حركه نفسها على انها هي المنقذ للأمة وأن تأويلاتها للنصوص الشرعية هي التأويلات الصحيحة والأخيرة، والتي لا تقبل القسمه على اثنين يساهم بشكل كبير بزيادة صدع جدار الأمة بالإضافة لـنشوء صراعات كبيره بالمجتمع..

- ماذا ينبغي علينـا كـمنتميين لهذا المجتمع حيال هذه الحركات؟

الواجب على هذه الحركات أن تتواضع وتعترف بحق الآخرين في الاختلاف معها، وأنها وإن كانت حركة إسلامية في انتمائها ومرجعيتها إلا أن في الساحة حركات إسلامية أخرى تختلف في رؤيتها واجتهادها وأولوياتها، وفي الساحة أيضًا جمع غفير من الناس لا ينتمي لأي حركة وهم السواد الأعظم ممن يريدون مصالح الوطن العامة ومصالحهم الدنيوية ولديهم قدر من الإيمان والالتزام العام، ولديهم من السلامة وصفاء القلوب الشيء الكثير، والواجب تربية الأتباع على الأدب وحسن الخلق وترك التعصب واحترام الآخرين.

- بين براثن الاختلاف، كيف ننحـاز للاختلاف المثمر مع حفاظنـا على الثقـة بالنفس والرضـا رغم التعرض للانتقادات؟

الأخلاق هي البند الأول في الاختلاف، فمن حُرِمَ الأخلاق حُرِمَ خيرًا كثيرًا. ومن الخطأ دخول البسطاء وغير المتعلمين في الخلافات؛ لأنهم يستخدمون أسلوب "الفزعات" في نصرة من يؤيدونه بالحق أو بالباطل. وقد شرحت كثيرًا ما يتعلق بهذا الموضوع في كتاب "كيف نختلف؟".

- المتابع لآراء الدكتور سلمان العودة وخصوصا الأخيرة منها يظن أن الدكتور يقوم بتصفية حسابات مع بعض هذه الحركات.. ما صحة هذا القول ؟ وما هو رأي الدكتور في هذه الحركات؟

حاشا لله، وأظن أن الأخ السائل لا يستطيع أن يأتي بمثال واحد على ذلك. نعم؛ هناك شخص واحد أقوم دائمًا بتصفية الحسابات معه؛ هو العبد الفقير كاتب هذه الحروف.

* يذكر التيار السلفي أن الخروج على ولـي الأمر لا يتم إلا بعد تحقق شروط ثلاثة، وهي:

1- أن نـرى كفرًا بواحًا، عندنـا من الله فيه برهان..

2- وجود البديل المسلم، فيزال وليّ الأمر الكافر، ويبدل بولي الأمر المسلم..

3-القدرة على الخروج على ولـي الأمر، فيكون للإنسان المقدرة المالية والعسكرية ما يفوق قدرة ولـي الأمر، حتى يتجنب الجميع سفك الدم وتدمير البلاد..

- بتطبيق الشروط السابقة على المشهد السوري الحالي هل نستطيع القول بأن التمرد الحاصل بسوريا حاليًا هو تمرد لا يوافق عليه أهل العقيدة السلفية؟ بمعنى أن ما يقوم به أهل سوريـا هو أمر مخالف لمنهج السلف وعقيدتهم..

ما يقوم به أهل سوريا هو مقاومة للظلم، وقد تحققت فيه الشروط؛ لأن القوة لم تعد هي العدد المعتبر من العسكر، ولكن أن يكون غالب الشعب يرفض هذا الطاغية، ولديه استعداد للخروج بمظاهرات ومسيرات للمطالبة بإسقاطه، وهذا ما حدث بتونس ومصر وليبيا واليمن.. وبلدان من أوربا الشرقية.

- هل لنا أن نعيد صياغة مفهوم الخروج على ولي الأمر؟ وبعبارة أخرى متى تستطيع الشعوب العربية الثورة على حكامها؟

يمكن الاطلاع على تفصيل هذا الموضوع وغيره في كتاب "أسئلة الثورة"، وعلينا التركيز على دعوة الإصلاح والاستدراك قبل حصول الثورات؛ لأن الثورات -أحيانًا- تؤدي إلى الفوضى وظهور مشكلات يصعب تلافيها.

- برأيك من يقف خلف الثورات العربية، هل هي أحزاب سياسية تحاول الوصول للحكم أم مؤامرة خارجية أم الشعوب العربية التي سئمت وضعها المزري؟

تقف خلفها شعوب ذاقت الذل والهوان، وقررت الخروج من هذا النفق المظلم، واستطاعت أن توصل صوتها إلى العالم، أما ادّعاء المؤامرة فهو هروب من مواجهة الحقائق والتعاطي معها بمسؤولية، وقد أجبت على هذا السؤال تحديدًا في فصل خاص ضمن كتاب "أسئلة الثورة".

- الربيع العربي هل سيصل إلى بلدان عربيه أخرى أم ستكون سوريـا محطته الأخيرة؟

السُّنة الإلهية لا تجامل أحدًا، وقد يهدأ الربيع فترة ليعود من جديد ويعصف بمن تنطبق عليه السنَّة، وهي فرصة لدول عربية أن تصلح أوضاعها على قاعدة: (بيدي لا بيد عمرو).

- إلى ماذا كنت ترمي بالعبارة التالية الواردة بكتابك "أسئلة الثورة": ’’الأفضل للمجتمع أن يمارس عملية التغير قبل أن يجبر على التغير‘‘؟

ترمي إلى أن الأفضل دائمًا هو أن يبادر الناس إلى الإصلاح بدل أن ينتظروا مفاجآت أو ثورات لا يدرون إلى أين تذهب بهم.

- هل ترى أن التيار السلفي أو الإخواني بمصر قادر على قيادة مصر في ظل انتشار الطوائف واختلاف التيارات فيها، سواء كان قبطيًا أو صوفيًا؟.. هذا السؤال يقودنا إلى سؤال آخر مفاده: التيار السلفي الذي يتهمه البعض بإقصاء الطرف الآخر وإهمال مبدأ التعايش، هل سينجح في قيادة سفن الدول إلى بر الأمان في حـال إسناد القيادة إليه؟

هو اختبار ميداني، وعملهم جهد بشري قابل للنجاح والفشل، ولعل من الحكمة ألا يسيطر فصيل خاص على المشهد، بل يكون ثمَّ تنوعٌ في القيادات، ويملك كل طرف مؤثر أن يكون له دور في إدارة دفّة البلد، مع الحوار والشفافية والتعاون واستحضار أن مصلحة البلد فوق مصالح الجماعات والطوائف والأحزاب.

* ما هو رأي الدكتور سلمان العودة في الأمور التالية:

- دخول المرأة السعودية بمجلس الشورى؟

أرى من المهم تدعيم صلاحيات مجلس الشورى؛ ليكون فاعلًا ومؤثرًا، وأن يكون بالانتخاب، ومن يحصل على الأصوات فله الحق في دخول المجلس، رجلًا كان أو امرأة.

- ظاهرة الانتحار التي بدأت بالانتشار في أوساط المجتمع السعودي مؤخرًا؟

ظاهرة خطيرة.. وليست هي بالجديدة، لكنها زادت من حيث العدد، وتنوَّعت أسبابها، ومع كون الانتحار جريمة في الشرع وقتلًا بغير حق كما بيَّنت في مقالاتي إلا أن هذا يوجب بحث الأسباب والدوافع، ودراستها والسعي الجاد في إزالة أي عوامل أو دوافع كالبطالة أو الإهمال.. أو حتى عدم وجود اهتمام بمعالجة الحالات النفسية.

- إغلاق المحلات التجاريـة وقت الأذان؟

إغلاقها طيب، ويحث الناس على صلاة الجماعة، ويمكن مراعاة المحلات التي على الطرق، أو الأشياء الضرورية كالصيدليات ونحوها.

- فتح دور سينمـا بالسعودية؟

وجود شاشة عرض أو تلفاز في كل البيوت أو معظمها وقمر لاقط يستقبل ما هبَّ ودب.. جعل هذا السؤال غير ذي معنى.

- نظام "ساهر" وعملية مضاعفة المخالفة في حالة عدم سدادها؟

نظام "ساهر" يحدّ من السرعة، فهو من حيث الفكرة مقبول، لكن تصحيح هذا النظام مطلب ضروري؛ لينال ثقة الناس، وقد تكلَّمت عنه في محاضرة (يمشون على الأرض هونًا)، وذكرت العديد من الاقتراحات الإيجابية.

* ذكرت مؤخرًا في إحدى تغريداتك: "أرى أن لدينا فئة شبابية تمثل 70 بالمائة من الشعب ولا أحد يستمع لها ويبحث عن مشكلاتها وهمومها ومعاناتها!"

- إلى من توجه هذه التغريدة؟

أُوجهها إلى كل من له عينان وأذنان..

أين فرص الحوار والاستماع للشباب، في الوطن.. في المدرسة.. في الأسرة.. في الحيّ؟

- من يتحمل هذا الإهمال وزيادة مشاكل الشباب المستمرة؟ وكيف يمكن لنا الحد من انتشار هذه المشاكل؟

نحن بلد مركزي كل شيء فيه يتم عبر الإذن والموافقة الرسمية، ومن دون إذن يمكن منع أي نشاط ولو كان مدنيًا أو اجتماعيًا، ولذا فالمسؤولية تقع على الدوائر الرسمية أولًا وقبل كل شيء.

ودون شك فالأسرة مسئولة بشكل أساسي نظرًا لوجود الترابط الاجتماعي وشرعية المسؤولية عن الأولاد كما قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم:6). وكذلك المدرسة عليها تبعة خاصة لحفظ الطلبة ومراقبة سلوكهم.

- الشباب يبكي البطالة والعنوسة والفقر يا دكتورنـا، لدرجة أن البعض منهم بدا يفقد الأمل في الله "والعياذ بالله"، ويتجه إلى الانتحار، كلمة توجهها بلساننـا إلى المسئولين..

لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، وعلينا أن نتمسَّك بحبل الله، وأن يظل أملنا فيه قويًا لا يتزعزع. والانتحار على شناعته هو عمل يخلو من التمثيل، فالمنتحر يئس من كل شيء، ولكنها رسالة بالغة الخطورة على وجود خلل وأهمية المعالجة والتصحيح، وعدم الاعتماد على التقارير الصورية التي تقول إن كل شيء على ما يرام.

- ذكر لنا رسول صلى الله عليه وسلم أننا كمسلمين ليس لنا إلا عيدان، عيد الفطر وعيد الأضحى، فهل يعد الاحتفال بعيد الميلاد / الأم / الزواج... من البدع والأفعال المحرمة؟

يوم الميلاد ليس عيدًا للمسلمين، ولكنه مناسبة شخصية يفرح بها إنسان ما، وليس لها صفة العيد، فالعيد مناسبة عامة للناس جميعًا، أما الميلاد فلكل فرد ميلاده المختلف عن الآخر، وإذا عزم أصدقاءَه أو أقاربه فهو من المسائل العادية التي ليس فيها تعبُّد.

- هل تعتبر اللبرالية مساسًا بالعقيدة أم أنها لا تعدو كونها تيارًا فكريًا؟

هذا يعتمد على المقصود بالليبرالية، فأنا لم أفهم ما هي الليبرالية بالضبط.. وهي مفردة أجنبية دخيلة.

هل هي العلمانية وفصل الدين عن الدولة؟ فتكون دعوة للحكم بغير شريعة الله؟ أم هي عدم انتماء الفرد لحزب أو جماعة سياسية، واستقلاله عن الآخرين؟ فتكون خطَّاً سياسيًا.. أم هي شيء غير هذا وذاك..؟ هي كلمة ملتبسة صرنا نسمعها ونتداولها، وأعتقد أننا بحاجة إلى تحديد المضامين ثم الحكم عليها وفق رؤية شرعية. وبالجملة فإن أيّ مشروع إصلاحي أو تنموي في العالم الإسلامي لن ينجح ما لم يكن الإسلام أساسه ومرجعيته. وهذا ما يكاد أن يتفق عليه كل الباحثين في الواقع والمستقبل العربي والإسلامي. الإسلام هو الدافع الحقيقي لتحريك الطاقات والمواهب، وجمع الكلمة، ورسم الخطط الراشدة، وتحفيز العاملين للبناء والتشييد.

- ما هي نصائحك للتعامل مع الناس ومن حولنا، وللتقرب لهم وكسب محبتهم؟

الأخلاق هي أساس العلاقة، وأول الأخلاق المصافحة والابتسامة، والبخيل مَنْ بَخِل بالسلام، ثم إن أصل الأخلاق في القلب، فحين يكون قلبك صافيًا حسن الظن بالناس، متجردًا من الحقد والحسد والضغينة والغش ستعيش مرتاح النفس هادئ البال قرير العين، وسيكون الناس منك في عافية، ولن تسلم منهم، فليس كل الناس فضلاء، ستُبتلى بمن يسبّك ويشتمك ويتهمك، فلا عليك منهم، ولا تحزن عليهم، ولا تك في ضيق مما يمكرون.

- أحيانا تسيطر علينا العصبية فنفرغها بطريقة خاطئة تجرح من حولنا وتضرنا في آن واحد، فما هي الطريقة الصحيحة للسيطرة على العصبية؟

يقول -صلى الله عليه وسلم-: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ»، كثيرون يفقدون السيطرة على أعصابهم فيصدر منهم طلاق أو كلام فاحش يفسد دنياهم وأخلاقهم، أو كلام خطير يفسد دينهم، وكان أبو الدرداء يقول: إنما العلم بالتعلُّم، وإنما الحلم بالتحلُّم، فمن تدرَّب على الحلم وراقب نفسه وألجمها وألزمها صار حليمًا، وأهم خطوة هي قدرة الإنسان على إلجام لسانه عن القول.

احفَظ لِسانَكَ أَيُّها الإِنسانُ           لا يَلدَغَنَّكَ إِنَّهُ ثُعبانُ

كَم في المَقابِرِ مِن قَتيلِ لِسانِهِ     كانَت تَهابُ لِقاءَهُ الأَقرانُ

- ما حكم الصلاة في مكان يوجد به موسيقى؟ "بحكم أني مغترب" * أجبرت في يوم من الأيام أن أصلي في مكتبه وكان فيها صوت موسيقى، هل يوجد بأس في ذلك؟

ما دام الأمر ليس باختيارك، وأنت في بلد غربة، فليس عليك شيء، وصلاتك صحيحة، وأنت هنا سامع ولست مستمعًا، فالمستمع هو المُتقصِّد للسماع المنصت له، والسامع هو الذي يصل الصوت إلى أذنه دون تقصِّد أو اختيار.

-.. كلنا يعرف يا شيخ دورك الكبير في توعية جيل الشباب وزرع الهمة فيهم والمثابرة، لكن للأسف همتنا مع طول الوقت تتضاءل وتهمد، فكيف بإمكاننا أن نحمس أنفسنا من غير أن نمل أو نتعب من ضآلة همتنا..؟

الهمَّة مثل الشجرة الصغيرة تحتاج إلى سقي وتعاهد حتى تكبر، وقد يعتريها الضعف أو الذبول بسبب الظروف والمعوقات.

وأوصي أبنائي بالتدرُّج في الأعمال، وأن يأخذوا من المشاريع والبرامج القدْر الذي يتحملونه ولا يكون شاقًا أو عسيرًا.

كما أوصيهم بالإكثار من كلمة (لا حول ولا قوة إلا بالله)، فهي سبب لتجديد الطاقة ورفع الهمَّة.

- نصيحتك للشباب المبتعث؟ ورأيك فيمن يصف الكثير منهم بالشباب المنحرف الضال؟

أوصيهم بالاجتهاد في تحصيل المعرفة والتفوق العلمي. كما أوصيهم بالحرص على الصلوات والأخلاق الفاضلة، وتجنُّب المحرمات؛ كالخمر، والفسوق، وصحبة النساء المنحرفات.

ولا يحسن تعميم الحكم على فئة تُعدّ بعشرات أو مئات الآلاف، وفي كثير من المبتعثين والمبتعثات خير وإيمان وجدٍّ واجتهاد، ويحتاجون من مجتمعهم إلى الدعم والمساندة وحسن الظن مع التوجيه والإرشاد والمحافظة عليهم.

- برنامج "حجر الزاوية" هل سيعود للظهور من جديد بحلول رمضان القادم؟

لا أعتقد أنه سيعود في رمضان القادم، ولكل أجلٍ كتاب، والخير فيما يختاره ربنا.

- نحن مجموعة شبابيّة..نذرنا جهودنا لنصرته صلى الله عليه وسلّم..رسالتنا (شباب محب للرسول) ما هي نصيحتك لنا؟ وما الأبواب التي تشجعنا على طرقها؟

أشكر جهدكم، وأدعو الله لكم بمزيد النجاح والتوفيق، وأتمنى أن يكون ضمن نشاطكم توزيع الكتب العلمية المناسبة للشباب والمتعلقة بسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وخاصة ذات الطابع القصصي، ومن أفضل هذه الكتب مؤلفات أخي د. عبد الوهاب الطريري.

- هناك بعض المشايخ يخرجون في بعض من القنوات غير المحافظة، ومن هناك يدعو إلى الله بالتوبة والنصح والإرشاد.. البعض من المحافظين ينظرون إلى هذا الجانب نظرة سلبية، يعني بالعامي مثلًا (داق مشوار يحط له برنامج أو فقرة لقناة فاسدة ومن هالكلام).. هل هناك خطأ أو عيب على دعوة الشيخ؟.. وهل نظرة الناس إلى تلك الخطوة نظرة سلبية أو أجابية؟..

لا بأس من مخاطبة الناس عبر هذه الوسائل والقنوات؛ لأن جمهورها لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريقها، وهي مسألة اجتهاد شخصي، مَنْ لا يراه يمكنه تركه دون أن يلزم الآخرين برأيه.

- ما رأيك في القروبات في البلاكبيري لقراءة القرآن؟ يعني نصنع قروب بمجموعه من البنات ونضع سورة أو آية نقرؤها وهكذا نفعل يوميا.. هل هذا يعتبر بدعة أم ماذا؟؟

لا أرى بذلك بأسًا، فهو من التعاون على البر والتقوى، وهو يشبه مواعيد حلقات أو اجتماعات في درس أو مسجد، ولكنه عبر عالم افتراضي.

- يقولون إن المرأة حين تصلي يجب ألا تكشف سوى الوجه والكفين.. ماذا عن القدم هل هي عورة ويجب تغطيتها.؟!

في قدمي المرأة خلاف، هل يجوز ظهورهما في الصلاة؟ والراجح جوازه.


: الأوسمة



التالي
العودة: القرآن علمنا كيف نكسب الأعداء لا أن نخسر الأصدقاء
السابق
العوا لموقعنا: لم أكن وسيطاً بين العسكري والإخوان

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع