البحث

التفاصيل

الهـــجرة ووحدة الصف (ماهر أبو عامر)

الرابط المختصر :

تأتى ذكرى الهجرة النبوية المباركة لتذكرنا بهجرة النبى صلى الله عليه وسلم والصحب الكرام، من مكة دولة الكفر والعناد والصدود عن سبيل الله سبحانه، والوقوف فى وجه نشر دعوة رب العالمين، والحيلولة بين الخير الذى تحمله هذه الدعوة وبين البشرية، والدفاع عن الجاهلية بكل أشكالها وألوانها وصورها.. لا لشىء إلا للعصبية الممقوتة، والتالقيد الموروثة، والزعامة الممجوجة، والانتصار للآلهة التى تعبد من دون الله، والاستمساك بما كان عليه الآباء.. 

تأتى الهجرة لتذكرنا.. بالتضحية من أجل نصرة دين الله.
تأتى الهجرة لتذكرنا.. بمدى معاداة النور والهدى ممن لا يطيقون العيش إلا فى الظلام.
تأتى الهجرة لتذكرنا.. بحقيقة الصراع بين أهل الحق، وأصحاب الباطل.
تأتى الهجرة لتذكرنا.. أن الصراع لم ينتهى بعد، وأن الباطل لم يزل له أتباع، وتلكم هى سنة الله إلى أن يرث الأرض ومن عليها، صراع وجولات بين الحق وحزبه، والباطل ودعاته.
تأتى الهجرة لتذكرنا.. بأن المجد لا يوهب، ولكنه ينتزع.
تأتى الهجرة لتذكرنا.. أن قاموس المسلم لا يعرف المستحيل.
تأتى الهجرة لتذكرنا.. دور المرأة فى بناء النهضة، وصناعة مجد الأمة، وأن دورها مثل دور الرجل، فهى جزء من نسيج هذا البناء.
تأتى الهجرة لتذكرنا.. بمراعاة فقه الأولويات، وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية.
تأتى الهجرة لتذكرنا.. بدور المسجد وأهميته فى وحدة الصف، ولم شمل أبناء الوطن، والانطلاق نحو البناء والحرية، وكل معانى البناء والنهضة. 
تأتى الهجرة لتذكرنا.. بدور الشباب ومساهمته فى البناء وصناعة المجد، وتسطير تاريخ العزة والكرامة والإباء. 
تأتى الهجرة لتذكرنا.. بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار.
تأتى الهجرة لتذكرنا.. بالفهم الصحيح للإسلام، الذى يعمل على لم لحمة أبناء الوطن، وإن اختلفوا فى العرق أو النسب، وإن اختلفوا فى الاعتقاد أو الانتماء.
تأتى الهجرة فتذكرنا وتذكرنا.. بالكثير والكثير..

قال تبارك وتعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء:100].

 هجرت الخلق طراً في رضاك         ويتمت العيال لكي أراكا
        فلـو قطعتني في الحب إربـاً             لما حـن الفؤاد إلى سواكا

أيها الأحبة:

 الهجرة مستمرة كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها) أخرجه أبو داود (2479) وصححه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم : 7469 .. وقال عليه الصلاة والسلام: (ستكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم، و يبقى في الأرض شرار أهلها، تلفظهم أرضوهم، وتقذرهم نفس الله، و تحشرهم النار مع القردة والخنازير) أخرجه الحاكم في المستدرك (8701) وقال الألباني: "صحح لغيره" الترغيب والترهيب (3091).. وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار) أخرجه النسائي (4102 ) وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي(ج 9 / ص 245).. ففى هذه الأحاديث دلالة على أن الهجرة غير منقطعة، أما حديث ابن عباس: (لا هجرة بعد الفتح) يعني لا هجرة واجبة. 

أيها الأحبة: هذه الذكرى تدعونا إلى:

- وحدة الصف ولم الشمل، لم شمل أبناء الوطن شيوخاً وشباباً، رجالاً ونساءً، نجتمع لمصلحة الوطن، ولمرور هذه المرحلة العصيبة من تاريخ أمتنا ووطننا الحبيب.

- لابد من التنازل عن بعض الحقوق حتى تعبر السفينة إلى بر السلامة والأمان.. وإلا فسنغرق جميعاً.

- لابد من تقديم أصحاب الكفاءات والخبرات.. رجال المرحلة.. ولابد لكل صاحب فن وخبرة أن يتقدم ويقول ها أنا ذا.. فإذا قدم ونال الثقة فليطلب العون والمدد من الله ثم ليضع يده ويعمل بروح الفريق، وإن لم يقدم فليحمد الله الذى عافاه.

- لابد من النظر إلى الأمام وعدم الرجوع إلى الوراء، وعدم الاعتداد بوجهة النظر والرأى، فإن العجب يفرق الكلمة، ويفت فى وحدة الصف، ويشتت الجهد، ويفرق الجمع.

- لابد من الاحترام المتبادل بين الشباب والشيوخ، وإعطاء كل صاحب حق حقه.

- لابد من احترام دور المرأة، وعدم تهميش هذا الدور، ولكن لابد أن نحسن توظيفها ووضعها فى المكان المناسب لها.

- لابد من جهاد بالنفس والمال دون بخل أو شح أو منع، فالمرحلة تحتاج إلى تضحية وبذل وعطاء.

فهل نهاجر كما هاجروا؟؟

هل نهاجر لنبى ولا نهدم؟؟

هل نهاجر من المصلحة الشخصية، إلى مصلحة الدين والوطن؟؟

هل نهاجر من الأنا إلى نحن؟؟

هل نهاجر أنتم ونحن، إلى هيا بنا معاً لنبى يداً بيد؟؟

هل نهاجر من الفرقة والتناحر والتدابر، إلى أخلاق الميدان كما كنا؟؟

ألا هل من مشمر لوحدة الصف ولم الشمل؟؟

من قال أنا لها.. أنا لها إن شاء الله.


: الأوسمة



التالي
وفاء زوج! (سلمان بن فهد العودة)
السابق
الاجتهاد بتحقيق المناط: فقه الأقليات

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع