البحث

التفاصيل

من ذكرياتي مع الشيخ فيصل مولوي رحمه الله (محمد موسى الشريف).

الرابط المختصر :

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد :

 

فإن موت العالم أو الداعية ثلمة في جدار المجتمع الإسلامي، فكيف إن مات عالم داعية فالمصيبة أعظم ولاشك، وهذا هو الذي ابتلينا به من موت الشيخ فيصل - رحمه الله تعالى   - فالرجل كان عالماً شرعياً وداعية إلى الله تعالى وله مواقف جليلة وأعمال كثيرة مضيئة، نحسبه كذلك والله حسيبه، ولا نزكي على الله أحداً.


وقد تمكنت من لقاء الرجل مرات عديدة داخل المملكة وخارجها فوجدت فيه الأدب والهدوء واللطف ودماثة الخلق وعفّة اللسان، والقدرة على ضبط النفس وكظم الغيظ 


وقد جمعني به مجلس في جدّة حدّثنا فيه عن هموم كثيرة ثم ساقنا الحديث إلى جماعة الأحباش الضالة فحدثنا بهذه الطرفة الحقيقية المنبئة عن ضلال القوم وابتعادهم عن السبيل القويمة للشريعة الجليلة، وقد حدثت أيام كان قاضياً في لبنان فقد جاءته امرأة ومعها أبوها يطلبان الخلع من الزوج فلما سأل عن السبب قال له أبوها: قد جاءنا هذا الرجل من بلاد الغرب حيث كان مغترباً هنالك فزوجناه،  وقد دعوته إلى بيتي للغداء وقدمت له طعاماً فيه دجاج، فقال إن هذا الدجاج لا يحل أكله، فتعجب الرجل وقال له: لقد جئت به من السوق وهو حلال، قال لا لأن طريقة بيعه خاطئة فأنتم تشترونه بدون ضوابط للوزن - أو كما قال رحمه الله فلم أعد أذكر الآن على التفصيل السبب- فشكره صاحب البيت والد الزوجة على صنيعه وغيرته الدينية، ثم بعد الطعام أخرج الزوج لهم صوراً عن حياته في بلاد الغرب وفيها صورة مع امرأة بلباس البحر، فتعجب الوالد وسأله: ما هذا؟ وكيف تتصور مع امرأة تلبس هذا اللباس؟ وكيف ترينا مثل هذه الصورة


فقال له إن العورات الواردة في الصور حلال، وصار يذكر له حكم تصوير العورات على مذهب الأحباش الضال فجن جنون الرجل وقال له: أنت تحرّم الدجاج بسبب عدم انضباط طرائق وزنه ثم تبيح لنفسك هذا الصنيع؟ وللزوج مخاز أخرى غير هذه أدّت بزوجه وأبيها إلى الذهاب إلى الشيخ فيصل لخلع الرجل، وللأحباش مخاز كثيرة وفتاوى ضالة وهذه بعضها، نسأل الله العافية.


ـ أما الموقف الذي أحمده له وأظهر فيه غيرة وحرصاً على سلامة الشريعة من عبث العابثين وسخرية المستهزئين فقد كان في اجتماع الجمعية العمومية الثانية للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي انعقد في اسطنبول سنة 1426/2006 فقد جئتُ هذا الاجتماع قادماً من قزقستان، وسمعت هنالك بالمظالم التي يوقعها الحكم الصيني على بلاد تركستان الشرقية المسماة زوراً وبهتاناً سينكيانج -أي الأرض الجديدة-  وكان في القاعة السفير أو القنصل الصيني -لا أذكر الآن- وتبجح بذكر محاسن الحكم الصيني وعدله إلى آخر هذا الهراء فبعد انتهاء الجلسة أردت أن أرد عليه، وكان رئيس الجلسة التالية هو الشيخ فيصل مولوي - رحمه الله تعالى - فجئته إلى المنصة وطلبت منه أن يفسح لي وقتاً ولو يسيراً للرد على الدبلوماسي الصيني فاعتذر لي قائلاً:


أرجو أن تعفيني وتسامحني لأن عندي حوالي سبعين شخصاً يريدون الحديث!! ولا وقت لدي، فعذرته وقبلت منه وعدت إلى مكاني، فلما بدأت الجلسة ابتدأ الحديثَ فيها امرأةٌ معروفة بشذوذ بعض آرائها وهي أستاذة أكاديمية، فما راعني من حديثها إلا قولها في نهايته معترضة على شيء ما: "أو أننا - مثل ما يقولون - ناقصات عقل ودين!!" وضحك بعض المشايخ، فتعجبتُ أشد التعجب، وثار الدم في عروقي من استهزاء هذه المرأة بالحديث، ومن سكوت المشايخ ومن ضحك بعضهم فكتبت ورقة للشيخ فيصل - رحمه الله تعالى - طالباً منه التعليق على هذا الهراء وقلت له فيها: أيرضيك يا شيخ فيصل أن يُستهزأ بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت رئيس الجلسة وأنت مسؤول عن هذا بين يدي الله تعالى أو نحو هذا الكلام، وأوصلها له المسؤول عن مثل هذه الطلبات، فما كان منه - رحمه الله تعالى-  إلا أن تجاوز كل السبعين الذين طلبوا الحديث قبلي وسمح لي بالكلام، فبينت – بإيجاز - ما يجري في تركستان الشرقية من مظالم ضد المسلمين، ثم قلت رافعاً صوتي مظهراً امتعاضي كيف ترضون يا معشر العلماء من امرأة دارسة للشريعة ومدرّسة لها أن تستهزئ بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيح ولا يكتفي بعضكم بالسكوت بل أيضاً يضحك!! إن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب أن يوضع فوق الرأس والعين لا أن يُستهزأ به ويُجعل مادة للضحك، أو نحو هذا الكلام، فساد القاعة صمت ووجوم، ثم بعد انتهاء الجلسة شكر لي هذه الكلمة كثير من المشايخ شاكين في الوقت نفسه من المرأة التي لها مواقف أخرى مخزية غير هذا الموقف، وسألت الله – تعالى - أن يغفر للشيخ فيصل وأن يجازيه على غيرته خيراً؛ إذ لم يأبه - رحمه الله تعالى- بما يمكن أن يجره السماح لي بالتعليق من حرج مع هذه المرأة ومَن هو على شاكلتها، ولم يأبه بوقت الجلسة، وهذا الموقف أظهر معدنه الأصيل رحمه الله تعالى وغفر له وأعلى درجته في عليين.


ولي معه مواقف أخرى وكلام ليس هذا محله أُرجئه لموضعه المناسب -إن شاء الله تعالى- والله الموفق


: الأوسمة



التالي
الثّورة السّوريّة: أعباء النّصر (عبد الكريم بكار)
السابق
ولاية المرأة وحديث “لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة” (سهيلة زين العابدين حماد)

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع