البحث

التفاصيل

فرنسا تقصف أطفال مالي.. وتحمي الأسد!! (إيمان الشرقاوي)

الرابط المختصر :

يبدو أن فرنسا لم تعد تطيق أن تبقى دون أن تستعمر وتحتل وتعيد أمجادها الاستعمارية، خاصة في إفريقيا، فقد هرولت بقواتها لتشنّ ضربات عسكرية كثيفة على مالي؛ بحُجّة وقف زحف "الإرهابيين" المسلحين الذين يريدون تطبيق الشريعة الإسلامية، بينما تقف "صامتة" بل أيضًا تقوم بدور "الحامي" للقاتل الحقيقي الذي يسفك دماء شعبه في سوريا، ولعلها تخشى من وصول إسلاميين إلى الحكم حال سقوط بشار الأسد.

وأرسل فرانسوا هولاند طائراته الميراج إلى مالي لتضرب مقاتلي "حركة أنصار الدين" في شمال البلاد ووسطها، وتُوقِف زحفهم إلى "باماكو"، لكنها قتلت عشرات الضحايا من المدنيين بينهم أطفال، وأخذ يردِّد أنه يريد دعم الحكومة المالية، وأنه استجاب لطلبها!

ورغم أن "هولاند" وعد بتغيير سياسته تجاه إفريقيا منذ توليه، وأن زمن الاستعمار الفرنسي في إفريقيا ولّى، إلا أن المصالح الفرنسية تظلّ كما هي، بل يبدو أنها الآن أشد من تلك الخاصة بالإدارات اليمينيّة الأمريكية في الزمن السابق؛ حيث إنه يقصف الإسلاميين في مالي وحتى المدنيين؛ للحفاظ على آخر مناطق سيطرة فرنسا في القارة الإفريقية، فدخلت في حرب لا تعرف متى وكيف ستخرج منها.

وبرّر الإعلام الفرنسي الهجمات، ورفض إطلاق أي صفة استعمارية عليها، فكيف لا وهناك قرار أممي مؤيِّد، وطلب النجدة من الرئيس المالي؟! وروَّج هذا الإعلام للحرب ضد "الإرهابيين"، بل إن بعض التسميات مثل "ساحلستان" ظهرت في بعض العناوين، في إشارة إلى أفغانستان جديدة.

وبحسب المحللين، فإن هذه التدخلات العسكرية الفرنسية في إفريقيا ستحيي الشعور الاستعماري لدى الرأي العام العربي والإسلامي، فضلاً عن أنها ستغذي الكراهية التي يكنّها بعض الجهاديين والسلفيين المرتبطين بالقاعدة تجاه فرنسا، بل اعتبروا أن مهمة فرنسا في ردع المدّ الإسلامي في مالي واستعادة سيطرتها على شمال البلاد قد تكون صعبة، فضلاً عن الخسائر التي ستتكبدها من جنود وتكلفة اقتصادية.

وليس من مصلحة فرنسا في ظل ظروفها الاقتصادية الصعبة حاليًّا أن تستمر في هذه الحرب طويلاً؛ من أجل حماية نظام ضعيف في مالي، خاصة أنها تتعرض لموجة غضب شعبي إسلامي، وهو ما يتعارض مع مصالحها الكبيرة في إفريقيا وداخل فرنسا أيضًا، إضافةً إلى ما ستخلفه من رعب لدى مواطنيها الذي سيتعرضون لمخاطر كثيرة، مع تهديد هذه الحركات المسلحة لمصالح فرنسا حتى في الداخل.

ويتوزع المسلحون في مالي في‮ ‬مناطق الصحراء، ولا يتواجدون وسط التجمعات السكنية التي تعرضت للقصف الفرنسي؛ مما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين بينهم أطفال، وتوعدت حركة أنصار الدين بالتصدي لكل الهجمات التي‮ ‬تستهدف المدنيين في‮ ‬شمال مالي،‮ ‬ونجحوا في إسقاط طائرة هليكوبتر بمدينة‮ "كونا‮"‬،‮ ‬مؤكدين أنهم سيواصلون مقاومتهم للجيش الفرنسي‮ ‬المعتدي‮ ‬على أراضيهم حتى آخر قطرة من دمائهم‮. ‬

وأمام "الإرهاب" المزعوم في مالي، تقف فرنسا مثل الكثير من الدول الغربية مكتوفة الأيدي إزاء بشار الأسد الذي يواصل منذ 22 شهرًا حربه القذرة ضد شعبه من تعذيب واغتصاب وقتل وَصَل حتى للرضع، فلم تفكر حتى في فرض حظر جوي أو حتى إرسال جنود أو طائرة واحدة لقصف مواقع للنظام السوري أو حتى إرسال أسلحة للمقاومة..! وهل يقارن هذا الإرهاب الأسدي بالذي يقوم به الاحتلال "الإسرائيلي" ضد الشعب الفلسطيني منذ عشرات السنوات وحتى الآن؟!

إذن، فرنسا تصمت لمصالحها وتهبّ أيضًا لمصالحها.. هذا ما يحدث مع كل استعمار.


: الأوسمة



التالي
ولاية المرأة وحديث “لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة” (سهيلة زين العابدين حماد)
السابق
ماذا يحدث في مالي؟ (مركز التأصيل للدراسات والبحوث)

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع