البحث

التفاصيل

موتوا بغيظكم (حسن فوزي الصعيدي)

 

لا عجب أن يقوم أبواق النظام السابق وفلوله بشن حملة على رموز الثورة وقادتها، وعلى رأسهم العلامة الإمام القرضاوي، أو تتفلت كلمات من رويبضة، تبوأ مكانا ليس له فانتفخ، ثم تمادى في انتفاخه، حتى نسي أنه أجوف، لا رصيد له من عمل وطني، أو تخصص مهني!!  وليس عجيبًا أن يقوم هذا السمين الذي درج على الحركات البهلوانية، أن يخوض في حق شيخ الثائرين، فقد خاض في أعراض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من قبل!!

ولا أرى غرابة أن يدفع البعض شرطيا إلى حلبة السياسة والفكر إذا كان ذلك في عالم السياسة ذبولا لورقة عما قريب ستسقط!!

ولكن الغريب أن يُدفع أحد الواعظين، من أصحاب العمائم ، إلى هذا الأتون دفعًا، ويساق إليه سوقًا، لعله أن يأتي بما عجز عنه من يزهو بمجالستهم، ويفخر بمعرفتهم.

وقد اعتاد العلماء الربانيون والدعاة المخلصون،أن يهربوا من أبواب السلاطين، ويتعففوا عن عطاياهم، لا أن يكونوا أبواقًا لهم، يعددون مآثرهم.ولا أظن هذه مهمة داعية أو مهنة واعظ، فالواعظ من يذكر الناس بالآخرة، ويحذرهم من فتن الدنيا، لا أن يريق ما حمله من قصص الصوفية، وآثر الواعظين على أبواق السلاطين!!

أستحضر وأنا أقرأ كلمات هذا الواعظ بهيئته وتخشعه، ولحيته وعمامته، قول أبي حنيفة: آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه! ولعله يعرف مغزاها!!

فالله تعالى يقول: { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ } [الرعد:17].

إلى هؤلاء جميعا .. لو كان الشيخ يلتفت إلى كل حاقد ، أو يشغل نفسه بالرد على كل قادح، لما قرأ كلمة، أو كتب حرفًا، ولكنه يُعرض عن هؤلاء جميعا، وهو يدرك أن الأمة تحتاج إلى البناء لا الهدم، أن تتقدم للأمام خطوة، لا أن تتراجع إلى الخلف خطوات، ويعلم الشيخ أن الوقت هو رأس ماله، وهو شيخ فقه الأولويات، ولذلك ما كان للشيخ أن يُشغل بالمهم عن الأهم، فضلا عما لا فائدة فيه!!

وأؤكد أن الشيخ سيظل حاملا لواءالعلماء الربانيين، رائدًا لمنهج الوسطية، وسائرًا في درب البناء، لا يفت في عضده مثل هذه الأراجيف، ولا ينحدر إلى مستوى تلك المهاترات، وأذكر أولئك بما قاله القائل:

يا ناطح الصخرة الصماء توهنها ** أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل

وتعالوا بنا نستنطق التاريخ فإنه خير شاهد، وأحداث الزمان مازالت غضة طرية، لم تمتد إليها يد المزورين والعابثين، وأقران الشيخ أحياء يرزقون، لماذا خرج الشيخ من مصر؟ أليس لكلمة حق جهر بها، ولم يسعه السكوت عنها بينما وسع آخرين؟!

أليس لأنه أبى الارتماء في أحضان سلطة كانت تريد منه انحناءة لتبوئه أرفع المناصب، فأبى، بينما لهث اللاهثون!!

عف عن دنس سلطة مزجت بدماء المسلمين، وتغولت في أعراضهم وحرياتهم، فكان جزاؤه كما قال تعالى:{ أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [ النمل: 56].

لا عجب أن يخرج مثل هذا ليقول ذلك، فالقرضاوي شيخ الثورة – شاء من شاء وأبى من أبى- غذاها بفتاويه، ورواها ببياناته، وأزكاها بخطبه، وما فتئ يربط على قلوب الثائرين، ويذكرهم بوعد الله لأهل الحق،وخذلانه للظالمين، بينما قام هذا المعمم في أوج الثورة المصرية ليحرض الأجهزة الأمنية على الثائرين.. ينعتهم بالغوغاء، ويكيل الاتهامات إلى الشيخ القرضاوي وقناة الجزيرة حاضنة الربيع العربي.

لا عجب ممن تزيا بزي العلماء وطفق يبدي إعجابه بليبرالية أحدهم في مصر، داعيا إياه بنشر هذه الليبرالية!!

لا عجب من صاحب الزيارة المشبوهة إلى القدس الشريف، في حراسة الاحتلال الصهيوني ، مع استنكار فصائل المقاومة الإسلامية، ومفتي القدس لهذه الزيارة  المريبة!!

وللتاريخ أيضا .. فللشيخ علاقات قوية بكثير من أمراء دولة الإمارات العربية.. يكن كل منهم لصاحبه علاقات احترام متبادل، قوامها تقدير علم الشيخ وفقهه ومواعظه، وتقدير أعمال الخير التي يقوم بها هؤلاء الأمراء.

الشيخ ليس له عداء مع الإمارات ولا غيرها، وقد استجاب لما طلبته منه الإمارات، أن يفرغ لها بعض وقته، ويعطيها وقتا أسبوعيا، يظهر على الهواء مباشرة كل يوم سبت، واستمر عدة سنوات، حتى أوقف بعد أحداث 11 سبتمبر المعروفة.

ولا ينكر الشيخ ما عملته دولة الإمارات من خير، وما لها من أيادٍ، ولكن صاحب العمامة المحكمة يمتن بها على من قدمت لهم، والشيخ يطالب أصحابها أن يسيروا على ذات الدرب الذي عرف عن أسلافهم، وألا يغيروا السيرة الناصعة التي عرفت بها الإمارات وشعبها وقيادتها، وألا يعتبروا دعاة الإسلام في بلدهم مجرمين، يجب أن يمنعوا، وأن يسجنوا، وأن يشردوا.

الفارق أن من ارتدى زي الواعظ نسي مهمة الوعظ، ولجأ إلى أبواب المديح، بينما وقف الشيخ العالم موقف المصحح للخطأ، والداعي إلى تصويبه، غير متجنٍ على أحد، ولا راغب في التشهير به، فالشيخ يتناول القضية لا أشخاصها.. الموقف لا فاعله.. القضية لا ذات المتلبس بها.

وعندما فوجئ الشيخ من منعه من الدخول إلى الإمارات، لم تكن الإمارات غُنما فاتهفحزن عليه، ولم يكن الامتناع من دخولها غرما أقض مضجعه، بل من منعه هو الذيخسر الاستفادة من علم الشيخ، ولو أراد الشيخ أن يهاجم لأمر شخصي لهاجم وقتها!

أما الاتجاهات الفقهية فقد صدق عندما قال: أنه أقل من أن يستطيع فهمها، لذا لا حاجة لمناقشته!!  لذا أدعوه إلى أن يستتر، ويأخذ بقول القائل:

فدع عنك الكتابة لست منها *** ولو لطخت وجهك بالمداد


: الأوسمة



التالي
رسالة إلى مؤتمر القمة الإسلامية (محمد بديع)
السابق
كيف نتعامل مع الديمقراطية؟ (غازي التوبة)

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع