البحث

التفاصيل

سلمان العودة وأسئلة البساطة

الرابط المختصر :

أحيانا في مجتمعنا نعيش حياة القوالب، حين نرتمي في أحضان قالب معين، نسجن فيه كالتابوت، يرفض الآخرون أي محاولة لإخراجنا منه، ونرفض نحن  المحاولة.

قالب صنعته ظروف اجتماعية وتاريخية وعادات وتفسيرات متعسفة للمروءة وتزيده الأيام صلابة، فالعالم له قالب والداعية والأديب والشاعر والمثقف والكاتب والمسؤول وشيخ القبيلة.

لكل واحد منهم إطار نعرفه يمكن أن نتخيله مسبقا، لا علاقة له بجوهر رسالته، نحن لدينا صورة ذهنية للعالم بعيدا عن العلم الذي يحمله، له شكل ولباس وطريقة خاصة في الكلام وأسلوب في الحياة، لا يمكن أن نتخيله في قالب مغاير إلا بمساحات ضيقة من الفروق.

إننا في طموحنا وطريقنا في البناء العلمي أو الدعوي، نرفض التضحية بهذا القالب المتين، الذي سيطيح بأحلامنا لأن نبلغ القدوات المرسومة في أذهاننا

القولبة مظهر من مظاهر التكلف والتصنع، وهي بعيدة  عن روح شرعنا، حياة الرسول صلى الله عليه وسلم مع الناس تؤكد أنه كان كما وصفته زوجه أم المؤمنين  عائشة رضي الله عنها : كان بشرا من البشر ؛ يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه

إنه بشر من نسيجهم وطبائعهم وعاداتهم وطريقتهم في الحياة

أزمة القولبة قديمة في تاريخنا، تحتاج إلى دراسة معمقة لمعرفة كيف بدأت وكيف نمت

لكنني هنا أتحدث عن حالة معاصرة اخترق فيها أحد العلماء المؤثرين القالب وكسر النمط

الدكتور سلمان العودة

أعرف مسبقا أن هناك قضايا فكرية تكتسب المشروعية في النقد والخلاف مع الشيخ، وأعلم أنه يؤكد مرارا حق الجميع في الحوار حولها والرفض أيضا، لست هنا أتحدث عن ذلك

أتحدث عن ممارسات الشيخ

صورة الشيخ وابنته تعبث برأسه، صورته بلا شماغ ولا عمامة، صورة الشيخ في النهر عاري الساقين،تفاعل الشيخ مع الأحداث، انسيابه مع الناس وعيشه معهم ، سفره للسياحة، فتح حياته للناس، زيارة ريهام

ماذا يحدث ما ذا يريد الشيخ؟

حين نواجه أنفسنا بالأسئلة تجيب المثالية فتقول هذا جائز من قال لك  إنه حرام

نحن لا نتحدث عن الحرام نحن نتحدث عن رسالة الداعية وواجبه

السؤال الصادم

لماذا يبقى الشيخ وحده يمارس البساطة والآخرون في قوالبهم

هل يمكن أن يكون الشيخ وحده على الصواب:

تأتي القولبة في التحليل لطريقة الشيخ  أيضا

السياسي يتوجس من تحركات الشيخ وانفتاحه على كل الناس بعد أن كان حكرا على طبقة الشباب الملتزمين والدعاة

الخصوم يتحدثون عن رغبة في التسويق للذات والبحث عن المزيد من الشهرة ونقاط القوة وأطماع في المستقبل السياسي

الرفاق القدماء تعتريهم هواجس  التغيير الفكري والتنازل والرضوخ لضغوط الحياة على حساب القيم الصلبة والصمود وبعض القناعات الأولى

الغالبية الساحقة ترحب بهذا الحياة الجديدة، وتستقبلها بارتياح وحب والناس يتناقلون الصور والمقاطع بشيء من الدهشة والحبور

انظروا هذا الشيخ يضحك في فيفا

انظروا ماذا تفعل ابنته برأسه في هذه الصورة

صورة الشيخ مع ريهام

ماذا حدث إذا؟

ليس لي الحق في الإفصاح نيابة عن الشيخ أو تفسير نيته،

فأنا لم ألتق به سوى مرتين عابرتين، مع جموع غفيرة، في الحج وفي الرياض، لم أتحدث إليه مباشرة في حديث خاص أبدا

لكنني مع ذلك أؤمن  أن ما يفعله الشيخ هو الأصل الذي ينبغي أن لا تلقى من أجله الأسئلة ولا تثار حوله الاستفهامات

الأسئلة ينبغي أن تشرع في وجه شرعية القالب الذي فوت مساحة هائلة من السنة النبوية في التعايش مع المجتمع رضوخا لإملاءات النمط

الشيخ   يمارس حياته كبشر من البشر

يمارسه رسالته كداعية

كإنسان

كمتعاطف مع الناس

يمارس حياته في بيته كأب

يتعاطف مع ريهام مثله مثل بقية الناس يزورها ، يلبي هتاف ضميره بالمساندة والدعم

هل الوضوح والبساطة صارت مشكلة

هل يجب أن يكون الشيخ غامضا ومغلقا ونادرا حتى تسكت الأسئلة

لماذا تظل بعض سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته حبيسة الأحاديث فقط

لماذا لا تنزل للتطبيق في الشارع

مسابقة عائشة رضي الله عنها

زيارة الناس في بيوتهم

ذهابه للبستان مع صاحبيه وجلوسهم على قف البئر وتدلية أرجلهم

الصور التي نقلتها عائشة من البيت من الغرفة

لماذا أذن الرسول لها أن تخرج للعالم؟

احتضانه صلى الله عليه وسلم لأبناء الأنصار

الطفل الصغير يبول في حجره الطاهر صلى الله عليه وسلم

الأطفال يعتنقونه يقبلهم يحملهم يحتضنهم ينزل من المنبر إليهم

يصلي والصغيرة على عاتقه

ما هو وعي الصحابة الذي من أجله نقلوا تلك الصور من حيات صلى الله عليه وسلم

لماذا حدثوا بها ونقلها الحفاظ بعدهم

لماذا نحاول أن نصنع شرانق حول مشائخنا ودعاتنا، لماذا لا نشجعهم على أن يعيشوا معنا

يحملوا أطفالنا يلاعبوا صغارنا نمازحهم ونضحك معهم ، يعودون مرضانا، يواسونا في آلامنا يزورونا في أحزاننا،

يفتحون حياتهم لنشاهدهم من الداخل،

بدل أن نقيم سياجات الهيبة الزائفة حولهم.

أنا كإنسان أحب أن يشارك الدعاة في كل همومنا في عيشنا في صحتنا في تعليمنا مشاركة حقيقية

لماذا دهشنا وتناقلنا صور زيارة الشيخ لريهام

أليس الغريب أن لا يزورها الدعاة والعلماء

لماذا صارت هذه اللفتة العادية من داعية مثار للترحاب والدهشة

إنه النمط الزنزانة التي يجب أن نخرج منها جميعا

إلى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم


: الأوسمة



التالي
أمتي في العالم
السابق
رسالة مفتوحة إلى المفتي الرفاعي و الدكتور السعدي من محمد البرزنجي

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع