البحث

التفاصيل

سنة العراق والمرجعية

بعد عقود من الحكم الفردي والحروب الداخلية والخارجية الطاحنة والتي ختمت بسقوط بغداد تحت نير احتلالين ثم بعد مضي عقد من الاحتلال المركب الذي دفع العراقيون ثمنَه باهظا من ثرواتهم ودمائهم وطاقاتهم المبدعة، إذ تعرض السنة في العراق لأبشع حملة تصفية في التأريخ وهي مستمرة إلى يومنا هذا. أقول بعد كل هذا التقتيل والحبس والتعذيب والتهميش والقسر والتهجير ومحو الهوية بدأ العراقيون مرة أخرى عملية البحث عن آليات لتفعيل مرجعيتهم التي تغيبت وغيبت قسرا من قبل الحكومات المركزية المتعاقبة.

 

البعد الفكري والتأريخي: 
منذ العقد الأول من فتوح تحرير البشرية من عبودية بعضهم للبعض الآخر في ظل طغيان كسرى وقيصر كانت المرجعيات (إن صح التعبير) في العراق كبار الصحب والآل رضي الله عنهم بدءا بخال النبي عليه الصلاة والسلام سعد بن أبي وقاص فاتح العراق ووالي الكوفة ومعه فقيه الكوفة وقارئها عبدالله بن مسعود وسلمان الفارسي وبعض هؤلاء قد جمعوا بين القيادتين العلمية والعسكرية أو الإدارية ثم كان قدوم سيدنا علي إماما في العلم والسياسة ومعه عشرات الصحابة الكرام، فتوسعت قاعدة المرجعية السياسية والعلمية الممتزجة واقعا معاشا في حياة الناس.. 
ثم برز من جيل التابعين علماء أعلام ابتداء بالحسن البصري ومرورا بالإمام أبي حنيفة النعمان الذي أصبح رمزا وعنصرا من عناصر الهوية العراقية التاريخية والحاضرة.. فقد ظل الإمام المجتهد أبو حنيفة حاضرا بفقهه وبمسجده الجامع في بغداد وفي الماضي بشخصه وقيادته لمدرسة من مدارس الاجتهاد الجماعي مع بقية الأئمة المتبوعين عبر قرون ممتدة سواء كان الحاكم عربيا كأبي جعفر المنصور من ذرية آل البيت أو كرديا كالسلطان الناصر صلاح الدين موحد الأمة ومحرر القدس أو تركيا كالسلطان محمد فاتح القسطنطينية..


ثم توالى الأئمة المجتهدون الذين كانوا بمثابة صمام الأمان للأمة حتى دخول المحتل البريطاني الذي بدأ خطته الخبيثة بمحاولة التخفيف من تأثر الشارع العراقي بالعلماء خاصة بفضيلة المفتي العام ومن ورائه كبار علماء البلد بشتى الوسائل وكانت المرجعية العلمية إذ ذاك متمثلة بالعلامة أمجد الزهاوي رحمه الله صاحب الشخصية العالمية، وقد عرف بدور المحوري مع فضيلة المفتي أمين الحسيني في القضية المركزية فلسطين وإلى جواره الداعية الشيخ محمد محمود الصواف الذي رام الجمع بين القيادتين السياسية والعلمية 
ثم جاءت الحكومات المتعاقبة فأكملت مشوار الانتداب البريطاني فيما يتعلق بالمرجعية حتى غيبت الشخصية العلمية السنية عن الجماهير وفصلتها عن عالم السياسة وكانت في العقود الأخيرة متمثلة في شخص سماحة الإمام عبدالكريم المدرس رحمه الله تعالى بالإضافة إلى كوكبة من كبار العلماء المعمرين من أقرانه ممن رفضوا أن يركنوا للظالمين كالأئمة الأعلام محمد الباليسان وطاهر البرزنجي ومصطفى البنجويني وهاشم جميل ود. عبدالكريم زيدان) ومن يصغرهم سنا من كبار العلماء كعلامة الأنبار عبدالملك السعدي ورغم إبعاد كبار العلماء عن مركز صناعة القرار السياسي فقد كنت ترى في مجالسهم (بعيدا عن وسائل الإعلام) عددا من القادة العسكريين والمفكرين ورجال الأعمال ممن يسعون للاسترشاد بهدي الإسلام على سبيل المثال لا الحصر ضابط الصاعقة محمد فرج ورفاقه واللواء المتقاعد المؤرخ محمود شيت خطاب ورجل الأعمال المعروف بعطائه الخيري الحاج رعد طبرة وآخرين كثيرين،


ومن هذه المقدمة التي اختصرت فيها كثيرا من الأحداث والأسماء أدخل باب المسألة فأقول: العراقيون (سوى النصارى والصابئة) إما شيعة وإما سنة،
أما الشيعة فقد التف ساستهم وعوامهم حول مرجعياتهم الدينية حتى تمكنوا من سدة الحكم ولو بالعنف والقوة وثبتوا عناصرهم في مفاصل الدولة في الوقت الذي كانت جماهير أهل السنة منشغلة بأمور في ظل اختلاف قياداتهم منها إخراج المحتل الأميركي من البلاد وتصدت لذلك فصائل المقاومة وطائفة رأت المشاركة في الحكم من باب دفع المضرتين بأخفهما كالحزب الإسلامي ومنهم من رأى الأصوب في عدم المشاركة في ظل الاحتلال والتصدي للمحتل بوسائل مختلفة كفضيلة الشيخ الدكتور حارث الضاري رئيس هيئة العلماء وانشغل مكون آخر من السنة وهم الكرد بتثبيت دعائم منطقة آمنة (إقليم كردستان العراق) الذي صار فيما بعد ملاذا آمنا لمهجري الداخل. 
هذا وصف مختصر للواقع الذي حصل فلما أن خرج المحتل الأول (الأميركي) وتأمل العراقيون بمختلف أطيافهم وجدوا المحتل الثاني (الإيراني) قد استشرى وتمكن داعما بكل ما أوتي من قوة الحكومات المتعاقبة في بغداد والتي تصب سياساتها في مصلحة الأمن القومي الإيراني وليس ذلك بسر بل صرح به قادة إيران مرارا وجهارا 
واستمر حال العراقيين خاصة السنة العرب بالتدهور ووقع منهم الملايين بين قتيل مظلوم ومفقود منتظر وسجين معذب ومهجر مشرد، كل ذلك بالتزامن مع حملة متسارعة ممنهجة لمسخ الجيل الجديد ومحو هويته وشخصيته السنية.


ثم امتد المخطط الإيراني إلى أعماق كردستان العراق شيئا فشيئا، هنا بدأ العقلاء من أهل السنة من العلماء والساسة والمفكرين وشيوخ العشائر وقادة المقاومة عملية نقد الذات ومراجعة الماضي القريب وتوالت الجهود وازدادت الدعوات المخلصة من الأطراف لتدارك الأمر الجلل وتفعيل المرجعية ولعل آخرها وصية العلامة طاهر البرزنجي رحمه الله علما بأن المرجعية عند أهل السنة مختلفة عنها عند الشيعة، فالمرجعية أولا وآخرا الكتاب والسنة وإنما الأئمة المجتهدون هم القيادة العلمية في معترك الحياة ومن يسترشد بفتاويهم وآرائهم الفقهية من الساسة سعيا لترجمة تلك الآراء إلى واقع معاش أملا في بناء نظام أساسه العدل وحرية الاعتقاد وتكوين مجتمع بشري فاضل في ظل حكم رشيد وقضاء عادل يحترم فيه كرامة الإنسان كرامة تليق بمن خلقه الله خليفة في الأرض وجعله سيدا لهذا الكون. ثم إن الإمام المجتهد عند أهل السنة لا يملك ولاية قسرية على الجماهير المتبعة وغير معصوم من الخطأ وليس له حق فرض الوصاية على العقل البشري، 
وأخيرا فإن المرجعية الإسلامية علمية وسياسية ممتزجة لا تكاد تنفصل في أدوارها وتأثيرها في المحصلة النهائية، وذلك مستنبط من معاني القرآن متحدثا عن الأمم الغابرة كما في قوله سبحانه (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) والملأ -كما قال العلماء هم وجهاء ومقدمة القوم الذين يرجع إلى أقوالهم- طلبوا من نبيهم أن يعين لهم قائدا ليلتفوا حوله يخلصهم من الذل والاستعباد وهنا تمازج بين توجيه النبي وإمرة الملك الصالح تكامل بين العلم والسياسة. وبعض الأنبياء جمعوا بين الأمرين، ولعل من أروع صور التمازج بين المكون العلمي والسياسي في المرجعية (بعد القرون الفاضلة) تلك الصورة الشامخة من التلاحم الذي حصل في عهد السلطان صلاح الدين يوم أن تخلت إدارة الخلافة عن دورها القيادي فرفع الراية ثلة من العلماء والقضاة والمثقفين والساسة ورجال الإعلام وأمراء الجهاد والتجار وسيدات الأعمال يتوسطهم السلطان الناصر صلاح الدين.

التعقيدات والمعوقات2
في الجزء الأول من هذا المقال تحدثنا عن دواعي تفعيل المرجعية من الناحية الفكرية والتاريخية، وقلنا: إن الإمام المجتهد عند السنة لا يملك ولاية قسرية على الجماهير المتبعة ولا الوصاية على العقل البشري، صحيح أن الفكر الإسلامي قد ربط بين الرُشد السياسي وريادة العلماء العلمية والثقافية للمجتمع لكنه ترك مجالاً واسعاً لحركة العقل البشري كما في نصوص عديدة على سبيل المثال قوله عليه الصلاة والسلام: استفتِ قلبك وإن أفتاك الناس.


واستكمالاً لأبحاث إخوتي فضيلة الشيخ د محمد عياش الكبيسي وفضيلة الشيخ طه الدليمي وغيرهما من رموز أهل السنة والجماعة أريد في هذه الحلقة أن أتحدث عن تعقيدات ومعوقات تفعيل المرجعية، سواء كانت داخلية أو خارجية ناهيك عن الاختلاف في صيغة المرجعية بين المثال والواقع وبين التجاذبات السياسية والعلمية


قبل أكثر من قرن كان السلطان العثماني بمثابة المرجع السياسي يمثله في الولايات شخص الوالي كوالي بغداد والموصل وشهرزور والبصرة وغيرها بينما هيئة الإفتاء برئاسة المفتي بمثابة المرجعية العلمية في بغداد أما المراجع الشيعية الحوزوية، فكانت ترجع كذلك إلى الفرمان السلطاني الصادر من اسطنبول في إثبات أحقيتها. ولكن المرجعية العلمية للسنة بدأت بالخفوت وبدأت الشيعية بالبروز لأسباب منها


أولاً: منذ سقوط الشاه عام 1979 باتت المراجع الشيعية سواء كانت سياسية أو حوزوية مدعومةً دعماً كبيراً من إيران التي أخذت على عاتقها مشروعاً توسعياً تحت شعار تصدير الثورة.. ولكن فيما بعد تنبهت شعوب المنطقة إلى خطورة تغلغل المشروع الإيراني من الخلف في الوقت الذي تقف فيه الأمة متحفزة في وجه الكيان الصهيوني المحتل.. أقول بعدما تبين لإيران أن هذه الشعوب قد انتبهت قامت بتغيير اللافتة إلى عنوان براق وجذاب هو دعم محور الممانعة ولكن انكشف الزيف عندما انغمست القيادة الإيرانية حتى الأعماق في دعم الدكتاتور بشار في سحق شعبه وتدمير بلده وتحطيم طاقاته


ثانياً: في المقابل لم تتبن الدول العربية دعم المرجعيات العلمية أو السياسية السنية العراقية، ولعلها بعضها بدأت التحرك متأخراً بعد تغلغل المشروع الإيراني في جميع مفاصل الحياة العراقية ناهيك عن المشاريع الأخرى في غياب مشروع مقابل يدعم أهل السنة والجماعة ليس من أجل إشعال حرب طائفية (يترقبها الغرب منذ زمن بعيد)، ولكن لوقف آلة التصفية الرهيبة الموجهة نحو السنة العرب علماً بأن السنة يشكلون ملياراً ونصف المليار من مجموع مليار وستمئة مليون، ولكن صاروا غثاءً كغثاء السيل حتى أيقظ الله الهمم وبدأ الربيع منطلقاً من بلاد برقة والزيتونة والقيروان مروراً بأرض الكنانة زاحفاً نحو بلاد الشام


ثالثاً: المرجعية الشيعية لها مواردها المستقلة من مال الخمس المفروض على كل فرد شيعي سنوياً، وهو مبلغ ضخم يعادل ميزانية دولة بينما علماء السنة يعتمدون على الرواتب الشهرية التي لا تكاد تسد رمق المفتي وعائلته ناهيك عن استثماره وتوظيفه


رابعاً: بروز الصبغة الطائفية واضحاً في تكوين الشخصية السياسية الشيعية في العراق يوماً بعد يوم تزامنا مع تعاظم الأطماع الإيرانية بينما غابت عناصر الاعتزاز بالانتساب إلى أهل السنة والجماعة عن مفردات الساسة السنة كرداً وعرباً وتركماناً خوفاً من الوصف بالطائفية في الوقت الذي يتعرضون فيه لإبادة جماعية ممنهجة لأنهم سنة، وهذا أمر مستغرب، وله عوامل كثيرة ومتداخلة منها ابتداءً ابتعاد مناهج التربية الأسرية والرسمية عن الاهتمام بمفردات الثقافة الإسلامية الأصيلة التي تؤكد أن حب الصحابة والآل بلا استثناء من مقومات الإيمان ومن مكونات الهوية الإسلامية وانتهاء بالإرهاب الذي يمارس يومياً ضد كل إنسان عراقي سُنّي بغض النظر عن مستوى تدينه ... وهذا الإرهاب الممنهج ذو هدفين الأول طمس معالم الهوية ومحو الشخصية السنية لدى الشعب العراقي من جهة ومن جهة أخرى إخماد أية حركة عراقية عروبية وطنية في الوسط الشيعي لمقاومة الهيمنة الإيرانية


خامساً: لا ننكر أن المرجعية العلمية السنية اختلفت إلى واجهات متعددة مما أضعف تأثيرها في الشارع العراقي ومجال بحثه في موضع آخر


سادساً: تعدد واجهات المقاومة التي لم تملك مشروعاً مستقبلياً واضحاً يوحدها بخطوط عريضة بل اختلفت حالها كحال الساسة والعلماء ووقع البعض منها في شباك نصبت لها بإحكام فانحرفت عن مسار جهاد الدفع حتى تورطت في ذبح بني جلدتها العراقيين، ولكن أغلب الفصائل الحقيقية التي رفعت راية جهاد الدفع ظلت نزيهة بعيدة عن سفك الدم الحرام


سابعاً: وأما المرجعية السياسية للسنة فهي أشد اختلافاً ولم تستثمر الفرص في خضم التحديات الكبرى حتى الإنجاز العظيم الذي أجراه الله سبحانه على يد إخوانهم من رجال المقاومة الوطنية الشريفة السنية بامتياز لم تستثمر كما ينبغي، فكانت أغرب مقاومة في العالم كما يقول أخي فضيلة الشيخ د محمد عياش لأنها أخرجت المحتل الأميركي من البلد، وخرجت هي كذلك من المعادلة، والذي زاد الطين بلة أن الأمراض التي أصابت سياسيي العالم العربي اجتمعت عند الساسة العراقيين فالحزب الإسلامي النخبوي ذو الخلفية الإخوانية لم يستطع أن يستغل الزخم الجماهيري في بداية الأمر، وظل يعتقد أنه الأوفر حظاً والأجدر بالقيادة من بقية الأحزاب ونتيجة لعوامل داخلية وخارجية فقد انحسر تأثيره حتى حين، وأما بقية السنة العراقيين فقد انخرطوا في مؤسسات مدنية وفعاليات عشائرية وأحزاب ذي صبغة وطنية وقومية، ولكن هذه الرموز السنية انهارت أمام التحديات وتصدعت وراح العديد من رموزها ضحية الترغيب والترهيب حالهم حال عدد من رموز التيار الإسلامي.. وكذلك برزت ومنذ البداية هيئة علماء المسلمين التي تراوحت توجهاتها بين المرجعية العلمية والسياسية، ورغم اسمها الديني فقد رفعت شعار الوطنية والعروبة والعراقية من باب عدم تعارض هذه الانتماءات إن كانت في مسارها الصحيح.. وعلى رأس الهيئة شخصية معروفة جمعت بين البعد العلمي والعشائري والتاريخي وأعني فضيلة الشيخ حارث الضاري.. والعرب السنة لم يعدموا رجالاً قياديين بارزين من أمثال الشيخ حارث الضاري ورئيس الحزب الإسلامي سابقاً الأستاذ د محسن عبدالحميد والأستاذ طارق الهاشمي وغيرهم ممن اختلف اجتهادهم مع فضيلة الشيخ حارث في طريقة التعاطي مع الأوضاع بعد الاحتلال، ولكنهم شابهوه في التضحية بأنفسهم وأهليهم ومالهم في سبيل خدمة المسلمين والعراقيين بصورة عامة (هكذا نحسبهم جميعاً ولا نزكيهم على الله). ولكن من معوقات عملهم جميعاً أنهم كرموز لم يكونوا محاطين بفرق عمل محنكة من المستشارين السياسيين المظهرين للبعد السني بوضوح


ثامناً: إن ظروف الحكم الفردي وسنين الحصار الاقتصادي ثم الأحوال الرهيبة والعصيبة وجو تصفية الحسابات والاغتيالات والاعتقالات التي تلت سقوط بغداد ... كلها، أسهمت في تغيير طبيعة النفسية العراقية التي أصبحت متوترة مستفزة لا تحتمل الآخر مما زاد الخلاف والفرقة بين مكونات البيت السني


تاسعاً: وثمّة تعقيد ومعوق آخرين هو الاتفاق بين أصحاب المشروعين الإيراني والأميركي على احتلال العراق وعدم الاكتفاء بإسقاط النظام بل إسقاط مقومات ودعائم الدولة العراقية العريقة.. ولكن صدق الله (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ) فقد ظهر في الأفق اليوم بوادر تصدع هذا الحلف المشؤوم بين أميركا وإيران، وكأن السحر انقلب على الساحر، ومن حفر حفرة لجاره وقع فيها

 

الجزء الثالث: سنة العراق والمرجعية
قناعات الشيوخ وطموح الشباب
كي نتدارس مسألة بهذه الحساسية والتعقيد والأهمية، لا بد من النظر إلى المسألة برؤى متعددة كي نثري الموضوع ونكون أقرب إلى الحقيقة. فمن الناس من يرى الحاجة إلى مرجعية سياسية راشدة تقود الأمة، ومنهم من يرى المعضلة في غياب المرجعية الفقهية، ومنهم من يجمع بين الأمرين، ولذلك أحرص في هذه الحلقة أن أذكر مقتطفات مختصرة من مقالات قوم كرام همهم قضية العراق، فليس من حقي أن أحتكر الكلام في هذه المسألة ولو كنت صاحب المقال، فالأمر عظيم والخطب جلل.. وإن لم نكن متفقين جميعا في التفاصيل فعدة عقول خير من عقل إنسان واحد ينفرد بالبحث ويعتبر نفسه المرجع الأخير بلا منازع، وصدق الصادق المصدوق إذ يقول عليه الصلاة والسلام: «لا تجتمع أمتي على ضلالة».


أما المفكر والداعية الدكتور محمد عياش الكبيسي فقد قدم دراسة قيمة عن هذه المسألة. يقول فضيلته: فالبحث عن المرجعية في الوسط السنّي أصبح اليوم شغلا شاغلا لكل المتصدّين للشأن العام، وحتى المالكي لم يفته أن يدلي بدلوه للبحث في الأسماء والوجوه لاختيار المرجعية السنّية «المناسبة»! لكن لماذا المرجعية؟ وما وجه الحاجة إليها اليوم؟ وكيف يتم اختيارها أو تشكيلها؟ ولماذا لم تظهر هذه الحاجة في الأقطار الإسلامية الأخرى؟ هذه الأسئلة قد تفتح أبوابا واسعة وامتدادات عريضة في الدين والفكر والسياسة والثقافة والتاريخ. ثم يناقش فضيلته المسألة بالتفصيل ويذكر أمثلة تاريخية فيقول: لمّا تخلت «الخلافة» عن دورها في تحرير القدس ومجابهة الصليبيين، لم ينتظر الناس هذه الخلافة حتى تصحو من غفوتها، بل انحازت إلى مشروع التحرير الذي قاده آل زنكي، ثم استكمل على يد صلاح الدين، والمثال الآخر لما سقطت بغداد على يد المغول ووصل الخطر إلى الشام ومصر، استجدت حاجة جديدة ومختلفة عن سابقتها، فالخلافة قد سقطت بالكامل، ودولة المماليك في مصر لم تكن محل ثقة الجمهور، فالتفّ الناس حول العز بن عبدالسلام ليعبّر عن إرادتهم في ضرورة التصدي للخطر المغولي بصياغة المشروع الناظم والذي لا يستبعد أي أحد حتى المماليك أنفسهم. ويقول أيضا: وإذا كانت المعضلة السنّية اليوم أكبر من أن يتحملها فرد ما مهما كان علمه ووعيه واستعداده للتضحية، فإنه في المقابل لا يتصور تحقيق إجماع ما في مثل هذه المعضلة، والأقرب من هذا هو الدفع باتجاه المتقاربين في الرؤية لصياغة المشروع الناظم والمعبر بالصدق عن حاجة الجمهور، وحين يلتف الجمهور حول مشروعه هذا فإنه سيحسم بنفسه حالة الانقسام والتردد التي كان لها من التبعات الثقيلة ما يزيد ربما على كل التحديات الأخرى. أما فضيلة الشيخ الدكتور حارث الضاري الأمين العام لهيئة علماء المسلمين، فقد قال في معرض حديثه عن مفهوم الهيئة للعمل: الشرع في مفهومنا ومفهوم الواعين من المسلمين جميعًا ما جاء إلا لرعاية الإنسان وإسعاده ديناً ودُنيا، وبالتالي فإن المفهوم الشرعي أعم مما يتصور البعض أنه قاصر على الفتوى المجردة والحلال والحرام، بل الشرع يتعدى ذلك إلى كل أمور الحياة؛ لأنه دين ودنيا، والذي يقول غير ذلك إما أنه يجهل هذه الناحية في الإسلام، أو أنه للأسف الشديد لديه دوافع أخرى يريد أن يحصر الإسلام في الحلال والحرام، وبذلك يلتقي مع الطرح العلماني الذي يريد أن يقصر الدين على مسائل العقيدة والعبادات دون ما عداها من مجالات الحياة. أما المنظّر والداعية الدكتور طه الدليمي صاحب مؤسسة القادسية، فقد تحدث بإسهاب عن مسألة المرجعية وأهل الحل والعقد في حلقات متلفزة.. يقول فضيلته: والمرجعية مصطلح حادث، ولا يمكن أن نحصر المرجعية بالفقيهة، ولا يمكن قياس المرجعية على المرجعية الشيعية. ويقول فضيلته في موضع آخر: المرجعية لدى أهل السنة ليست فقهية بل سياسية، لأن السياسي الذي يحكم بدين الله هو الذي بيده مصالح العباد الدنيوية والدينية، ومن بين علماء العراق من جيل الشباب الشيخ الدكتور السامرائي، وله وقفات جديرة بالتأمل تعبر عن تطلعات العديد من العلماء الشباب في هذه المسألة إذ يقول: السؤال المحوري هو الآتي: هل مشكلتنا نحن السنة اليوم في عدم وجود المرجعية الدينية؟ بمعنى هل النقص الذي عند السنة اليوم بسبب عدم وجود مفتين أو علماء؟ لو افترضنا أن هناك تشكيلا علميا كمجلس فهل تعتقد أن المشكلة ستكون بغير شكلها الحالي؟ أعتقد أن مشكلتنا فيها نوع تعقيد.. نحتاج إلى ممثلين يثق الناس بإخلاصهم ووعيهم للمرحلة.. قيادات منفتحة تقبل الآخر مهما كان، وتحاول لملمة الأطراف وليس العكس. نحتاج إلى قيادات واضحة جلية تصدع بالحق ولا تخاف ولا تتلون، نحتاج إلى قيادات تجيد فن محاورة واستمالة مشاعر المسلمين في شتى المعمورة، فهم عوننا بعد الله. نحتاج إلى قيادات ذات يد نظيفة وماض طاهر وسيرة حسنة سوية، قيادات غير ملوثة بسلبيات النظام السابق ولا مظالم النظام الطائفي الحالي، قيادات تحمل روح الشباب وتتفاعل مع الواقع وتعيش ألم الداخل، وإن كانت في الخارج قيادات تحب العراق من أقصاه إلى أقصاه ولا تفضل طرفا على طرف.. نحتاج ونحتاج.. ومعروف عنه أنه يرى وغيره ضرورة الحاجة إلى قيادة سياسية في هذه المرحلة من باب قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ).


وأما الكاتب الشباب عبدالله الدليمي (والذي يعبر بقلمه عن قطاع من جماهير الشباب في العراق) فيقول: إنه لأمر محزن أن يعيش أهل السنة في العراق اليوم أحلك مراحل التاريخ بلا مرجعية رشيدة تمارس دورها في قيادة هذه الملايين الحائرة التي تتعرض إلى أبشع هجمة استئصالية (أقصد مرجعية فكرية شاملة تتولى دور القيادة، وليس مرجعية فقهية بحتة على غرار المرجعية الشيعية). ولا أدري.. إن لم يكن هذا وقت المرجعية ونحن مهددون في حياتنا وعقيدتنا وأعراضنا وثوابتنا، فمتى؟ لقد آن الأوان لتدارك هذا الأمر ونعمل على تشكيل واجهة تضم نخبة من أهل العلم الشرعي والسياسي المشهود لهم بالإخلاص والحكمة.. ممن يجيدون قراءة المشهد وتشخيص الأمور وعلاجها، والربط الحكيم بين النتائج وأسبابها. 
وبعد الاستشهاد بعبارات الأفاضل السابقين أقول: القاسم المشترك بين جلهم أن الحاجة ماسة إلى ترتيب البيت السني العراقي، من خلال تشكيل مرجعية سياسية جماعية مسترشدة بتوجيه الفقهاء، كقيادة رشيدة فاعلة واعية لمتطلبات المرحلة، واضحة التوجهات متمسكة بثوابت الهوية الإسلامية، صاحبة خطاب سياسي واضح وصريح، وكما يقول الداعية والمفكر العراقي الدكتور ربيع الحافظ: أهل السنة بحاجة إلى خطاب سياسي خال من العموميات التي أصابته في مقتل ولازمته منذ مطلع القرن الماضي.. وفي جانب آخر يسعى سادة كرام لإيجاد مرجعية فقهية تقوم بتوجيه الجماهير السنية علميا دون التأثر بالتوجهات السياسية القائمة، ومنهم فضيلة الدكتور الشيخ رافع الرفاعي رئيس هيئة الإفتاء، وعلاّمة الأنبار فضيلة الشيخ عبدالملك السعدي ومن حوله من العلماء، وفضيلة الدكتور عبدالحميد العبيدي، وفضيلة الدكتور عمر الكبيسي، وأعضاء المجمع الفقهي العراقي برئاسة فضيلة الدكتور محمود العاني، وفضيلة الدكتور أحمد حسن آل طه وغيرهم..


سنة العراق والمرجعية (4)  

   مرجعية الفقيه أم السياسي؟
بعد ما ذكرنا من مقدمات وآراء في الحلقات السابقة نود هنا أن نضع النقاط على بعض الحروف كي نصل إلى بيت للقصيد. فلقد ذكرنا الدوافع القوية التي دفعت الكثيرين إلى التفكير الجاد في المسألة ثم ذكرنا معوقات التفعيل وتعقيدات المسألة وقناعات الكبار وطموح الشباب حول مسألة المرجعية.
أما مرجعية الفقيه فهو مصطلح حادث تعارف عليه الشيعة منذ عقود قليلة فقط، وكما قال العالم الشيعي محمد مهدي شمس الدين (لا يوجد في أدبيات الفكر الشيعي قبل مرحلة الستينيات مصطلح المرجع الأعلى على الإطلاق، وأقول للتأريخ إننا في عهد السيد محمد باقر الصدر مجموعة أنا منهم اخترعنا مصطلح المرجع الأعلى)- محاضرة ألقاها شمس الدين في ذكرى مقتل محمد باقر الصدر عام 1994م بعنوان المرجعية والتقليد عند الشيعة)، وكلام شمس الدين منشور على الشبكة العنكبوتية. أما عند أهل السنة والجماعة فالمرجع هو الكتاب والسنة، وأما الإمام الفقيه المجتهد عند أهل السنة فلا يعتبر مرجعا بالمفهوم المعروف عند الشيعة ولا معصوما من الخطأ ولا يملك سلطة تنفيذية ولا حقا إلهيا في الحكم كولاية الفقيه ولا مقاما مقدسا ولا يملك حق الوصاية على العقل البشري، بل يستشير أهل الشأن كلا حسب اختصاصه وتعلقه بالمسألة قبل إصداره الفتوى في شؤون الحياة المختلفة. وكان الأئمة المجتهدون (كأبي حنيفة والشافعي وابن حنبل) خلال قرون الازدهار متربعين على هرم مؤسسات للاجتهاد الجماعي كصمام أمان للمجتمع ومؤسسات مدنية لمراقبة أداء السلطة التنفيذية جنبا إلى جنب مع مؤسسة القضاء المستقل.. والحالة المثالية اليوم أن يكون لأهل العلم في العراق مجلس واحد يجمعهم كهيئة كبار العلماء في المملكة أو مشيخة الأزهر في مصر أو المجامع الفقهية في بقية البلدان، لكن واقع الأمر غير ذلك.. وكل مسلم عراقي غيور يتمنى أن يجتمع علماء العراق في هيئة فقهية واحدة أو في أقل تقدير أن يكون التواصل والتنسيق بينهم خدمة للمصلحة العامة ومنعا لتفرق الصف.. وللعديد من الأطراف (من بينهم كاتب المقال) جهود للجمع بين شيوخنا السادة العلماء الأفاضل نرجو من الله السداد والعون والتوفيق، فالطريق شاق وعسير ولكنه يسير بتيسير الله عز وجل.
أما المرجعية السياسية إذا كانت التوأمة بين العالم والحاكم فتمثل حالة مثالية كما كان الأمر أيام المصطفى صلى الله عليه وسلم وإبان الخلافة الراشدة. 
وما سوى ذلك فالغالب أن أولي الأمر (الساسة) هم من قاد الأمة على مدار التاريخ الإسلامي الطويل بقيادة كلما كانت أكثر جماعية وشوروية كانت أقرب إلى روح الدين ومقاصد الشرع الحنيف وسيرة الراشدين المسترشدة بالسنة النبوية.


ولا نستغرب حين نعلم أن عمرو بن العاص رضي الله عنه لم يمض على إسلامه إلا قليل حين عينه رسول الله صلى الله عليه وسلم قائدا على جيش فيه كبار علماء الصحب والآل ثم عينه الإمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيما بعد حاكما على مصر الكنانة وكبار الصحابة متوافرون، لحنكته في قيادة المعارك وبراعته في سياسة الأمور ودهائه في إدارة الأزمات. والأمثلة كثيرة في التأريخ الإسلامي كالسلطان ألب أرسلان وعماد الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي ومحمد الفاتح وقطز والعشرات غيرهم من الساسة والقادة ممن أحاطوا أنفسهم بكوكبة من العلماء وقادوا الأمة قيادة جماعية نحو بر الأمان.
إن على المرجعية السياسية الرشيدة المنشودة عبئا كبيرا في هذه المرحلة الخطيرة من تأريخ العراق وذلك في غياب واضح للصوت المعبر عن الهم السني، فسلسلة الاغتيالات والاعتقالات التي طالت مئات الآلاف، والتهم الجاهزة التي لم تستثن حتى المشتركين في العملية السياسية والاستيلاء المستمر على ممتلكات الأوقاف السنية وقضم مناطق السنة التدريجي والتغلغل الناعم في مدنهم وقراهم، وتهجير الملايين، وحصر الأحياء السنية في العاصمة بغداد بين جدران كونكريتية كجدران الفصل العنصري، وفتاوى التخوين ودعوات التحريض على التصفية الجسدية وآخرها فتوى جلال الدين الصغير بقتل الكرد السنة- وكأن ذبح وحبس وتهجير الملايين من السنة العرب لم يكن كافيا!! هذه الأحداث الجسام دفعت الغيارى من أهل السنة العراقيين إلى السعي لبلورة جبهة سياسية فكرية ترفع راية المظلومين في العراق ومن خلال البحث في المسألة ومتابعة دراسات المعنيين تتشكل ملامح وخطوط عريضة للمرجعية السياسية الفكرية المنشودة وكالآتي:


أولا: لا بد من مشاركة جميع الأصناف لبلورة جبهة قيادية شوروية (العالم والسياسي والمفكر والقاضي ورجل الإعلام ورجل الأعمال وأستاذ الجامعة وشيخ العشيرة والعسكري ورجال المقاومة الشريفة ومن يمثل الشباب فهم القلب النابض لهذه الأمة) متجاوزين جميعا إخفاقات الماضي وعثراته، وأن يخلع كل مشارك في الجمع مصالحه الشخصية والحزبية والعشائرية عند عتبة الباب قبل الدخول إلى المجلس ويضع نصب عينيه مرضاة الله سبحانه من خلال تقديم المصلحة العامة للأمة والسعي لوقف حمام الدم العراقي المسال كأولوية ومسؤولية كبرى، ثم وقف النهب المستمر لثروات العراق وتدهور أمنه واستقراره واستقلاله.


ثانيا: أن يتفق هؤلاء على خطوط عريضة واضحة دون الاكتفاء بالعموميات، براية واضحة وأهداف معينة لها خطة مستقبلية محددة وتشكيل الإطار العام الناطق باسم سنّة العراق والمعبر عن همومهم وحقوقهم (وهو حق طبيعي مكفول في الشرع وفي القوانين الوضعية الدولية)، ومبدأ التعايش مع الغير لا يعني التنازل عن الخصوصية وبعبارة أخرى الاتفاق على مشروع متكامل، فالمشاريع الاستعمارية لا تجابه إلا بمشروع. ولسنا بصدد تحديد الملامح الرئيسة للمشروع فذلك من شأن المجتمعين الكرام.

ثالثا: يعلن المجتمعون بكل وضوح أن مشروعهم ليس منافسا لأي تنظيم وليس بديلا عن التشكيلات السياسية أو المؤسسات العلمية في الساحة بل هو إطار للتنسيق بين المجتمعين للوصول إلى هدف نبيل من باب التعاون على البر والتقوى ونصرة المظلوم والتمسك بهوية أهل السنة والجماعة والتفاهم حول القضايا المصيرية للأمة كاستقلال العراق وغير ذلك، وليس بالضرورة أن يكون أعضاء المجلس مستقلين فلعلهم ينتمون إلى جهات لكن المهم أن يبدأ عملهم بترتيب البيت السني (بكل مكوناته العربي والكردي والتركماني) على أسس علمية رصينة مدروسة ودون استعجال.. عسى أن يرجع التوازن الطبيعي إلى القوى العراقية جميعا ويمكن عندها التوافق بين جميع الأطياف حول أفضل صيغة للتعايش والخروج بالعراق من المأساة. ومن ثم استثمار حالة الربيع العربي الإسلامي وبناء العلاقات الطيبة مع المحيط الإسلامي وتستطيع الأمة ممثلة في مؤسسات المجتمع المدني (أو الجماهير المؤمنة عامة) تقييم عمل أصحاب المشروع الجديد والحكم عليهم وذلك حق مشروع للأمة كما قال سبحانه وتعالى (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون). وحين يثبت أصحاب المشروع الجديد صدقهم في الميدان ويبرزون كطليعة مجددة مصلحة عندها يجتمع الناس حولهم وينضم المترددون ويقتنع المشككون.


رابعا: لا يعتمد أصحاب المشروع سياسة التمثيل النسبي للجماعات والأحزاب أو ما يسمى بنظام المحاصصة الذي أثبت فشله.. وأهلنا في العراق تكفيهم الصدمات التي تلقوها فليسوا على استعداد لتلقي صدمة أخرى أو تحمل نتائج فشل آخر ونزف دماء أخرى وهدر طاقات عزيزة. وأخيرا لا يمكن لأصحاب المشروع المنشود أن يستغنوا عن جهود كبار علماء البلد من الأئمة الأعلام المعمرين بل يستنيروا بحكمتهم ووسطيتهم وآرائهم الفقهية الناضجة


أقول قولي هذا فإن كان صوابا فمن الله وغن كان خطا فمني واستغفر الله


: الأوسمة



التالي
الثّورة السّوريّة معركة ثقافيّة
السابق
الأخوان المسلمون وشهادة التاريخ

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع