البحث

التفاصيل

ماذا فعلت إيران بالشيعة العرب وبالأمة؟!

الرابط المختصر :

نعود إلى هذا الموضوع من جديد، لا لشيء إلا لأن صورة المنطقة باتت ترسم على نحو مخيف تبعا لتداعيات ما يجري في سوريا، وكل ذلك بسبب ردة الفعل الإيرانية حيال انتفاضة الشعب السوري. ونقول بسبب ردة الفعل الإيرانية، لأن الجميع يعلمون أنه لولا دعم إيران لنظام بشار ضد شعبه، لما تمكن من البقاء إلى هذا الوقت، مع ما ترتب على ذلك من تدمير للبلد، وقتل وجرح وتشريد الملايين من أبنائه، فضلا عن استنزاف إيران ذاتها، ومعها حزب الله، وكذلك تركيا أيضا (دعك من تداعيات ذلك على العراق ولبنان).


ما يعنينا هنا هو البعد المتعلق بالتعايش في المنطقة، وتبعا له الوحدة والتقسيم. ذلك أن ما فعلته إيران لم ولن يستنزفها هي كقوة إقليمية فقط، بل دفع أيضا، وسيدفع المنطقة نحو حرب مذهبية باردة وساخنة ستكون لها تداعياتها المرة علينا جميعا. لقد كان ربيع العرب محطة بشرى لجميع المواطنين في العالم العربي؛ بشرى بالتخلص من الفساد والاستبداد الذي فرقهم شيعا وأحزابا لكي يُحكم السيطرة عليهم، ويمكنهم تبعا من التعايش جميعا بمنطق المواطنة التي لا تفرق بينهم على أساس الدين أو العِرق، وهذا البعد سيترك آثاره الإيجابية على الأغلبية والأقليات في آن، لأن الاستبداد لم يكن جيدا للغالبية حين اضطهد بعض الأقليات، فضلا عن العكس.


الآن، تعيش المنطقة بسبب سوريا، وقبلها الحكم الطائفي المدعوم إيرانيا في العراق، حالة حشد مذهبي تنفجر تباعا على نحو مخيف، وما يجري من قتل متبادل في العراق، والعلاقة المتوترة في لبنان، وما يجري في سوريا من قتال يشارك فيه حزب الله وتتورط فيه إيران بكل قوتها، كل ذلك يؤكد هذه الحالة.


ومن يتابع مواقع التواصل الاجتماعي سيجد أن المواقف المذهبية قد ذهبت بعيدا في حدتها، ليس إلى مستوى التكفير المتبادل فقط، بل إلى مستوى رفض التعايش وإعلان الحرب، لاسيَّما من الطرف السني الذي وجد أن الرد على حرب إيران على سوريا ودعمها لدكتاتورية المالكي في العراق لا يمكن إلا أن يُرد عليه بحرب مماثلة (الآخر لديه ذات الموقف، وإن يكن أقل تصريحا بذلك).


من يقولون هذا الكلام ليسوا من الناس العاديين، إذا تسمعه يتردد على ألسنة نخب دينية وفكرية وسياسية أيضا، فيما تجد بعض الأنظمة أن هذا البعد ليس مرفوضا، لاسيَّما أن يُشغل الناس عن سؤال الإصلاح في الداخل، وقد يفضي إلى وقف مد ربيع العرب بعد إقناع الناس بأنه كارثي النتائج.


المصيبة في هذا المشهد العبثي أننا لا نتحدث عن دول يمكن أن تتقاتل أو تتعايش بحسب المعطيات المتوفرة، بل نتحدث عن طوائف وأعراق داخل نفس الدولة أيضا، ولا حل لها غير التعايش فيما بينها، فالشيعة لهم وجودهم في عدة دول عربية إلى جانب السنّة، بصرف النظر عن نسبتهم، ولا حل لهذا الوضع سوى التعايش، لأن طرفا لن يلغي الطرف الآخر، أو يبيده نهائيا.


هنا تنهض إشكالية التقسيم الذي قد يطل برأسه وسط هذا العبث القائم، وما يجري في العراق وميل أوساط عربية سنية إلى خيار الفيدرالية يؤكد ذلك، ومن ورائه ما يجري في سوريا، وحيث يمارس النظام تطهيرا طائفيا لتأمين خيار الدولية العلوية، فيما تنفتح شهية أوساط كردية على خيار الانفصال أيضا.


إنها جريمة إيران التي ينبغي على الشيعة العرب أن يلتفتوا إليها بعناية لكي يدركوا أية مصيبة ورطتهم فيها، وقد قال ذلك بعض العقلاء كما هو حال الشيخ صبحي الطفيلي، الأمين العام الأسبق لحزب الله.


لقد بات على عقلاء الشيعة أن يدركوا أن مشروع إيران هو مشروع قومي يستخدم المذهب ليس إلا، وقد رأيناها في صراع أرمينيا مع أذربيجان تقف إلى جانب الأولى ضد بلد غالبيته من الشيعة. وهي في علاقتها مع العراق تريده تابعا على الصعيد السياسي والثقافي والاقتصادي، وحتى حين دعمت المقاومة ضد الكيان الصهيوني كانت تتحرك من أجل ذات الهدف، مع أنه موقف كان يحظى بالترحيب.


ما يجري مخيف، وهو يخدم أكثر ما يخدم الكيان الصهيوني والغرب الاستعماري الذي سيكون سعيدا باقتتال السنة والشيعة، ومزيد من تقسيم المنطقة، الأمر الذي يُسقط شعار المقاومة والممانعة، لاسيَّما أن الشعب السوري لم ينتفض ضد ذلك الشعار، بل ضد الدكتاتورية والفساد، ومن المعيب أن نرى من وقفوا ضد صدام حسين، وكان أكثر تعرضا لاستهداف الصهاينة والأميركان يقفون إلى جانب بشار (دعك هنا من قضية الأغلبية والأقلية التي تبدو أكثر استفزازا في الحالة السورية).


أما من عقلاء يوقفون هذا العبث، أم أنها التطورات تمضي باتجاه استنزاف إيران، وإعادتها إلى حجمها، ولكن بثمن كبير ندفعه جميعا من دمنا ومصالحنا وما تبقى من وحدتنا؟!


: الأوسمة



التالي
نجحنا في مادة ورسبنا في الامتحان النهائي
السابق
عن تدمير وحدة الأمة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع