البحث

التفاصيل

الإسلام وكرامة الإنسان

جاء الإسلام ليحرر الإنسان من كل القيود والمعتقدات الفاسدة، التي تحط من شأنه، وليحفظ له كرامته، التي أعطاه الله إياها، فقد خلق الله الإنسان وفضله على سائر المخلوقات، فالإنسان ليس كسائر المخلوقات، فالله كرمه بأن خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته إكراما له، وإظهارا لتفضيله على سائر المخلوقات، وجعله خليفة له في أرضه، قال تعالى {...هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا...} (هود: 61).

ومن مظاهر تكريم الله للإنسان، أن أوجده من عدم، وجعله شيئا مذكورا، وخلقه في أحسن تقويم، وسخر له ما في السموات والأرض، وأرسل إليه رسله وأنبياؤه، هداة ومبشرين ومنذرين، يدلون الناس إلى طريق الحق، الذي يحقق لهم السعادة في الدارين، فالوحي الإلهي تكريم للإنسان، لأنه دليله إلى الخير وما يحقق به سعادته في الدارين.

الإسلام يؤكد كرامة الإنسان

ولقد جاء الإسلام ليؤكد كرامة الإنسان، وليرسخ في الإنسان إحساسه بكرامته، وليقوي فيه تمسكه بها، لأنها جوهر إنسانيته، فبدون الكرامة الإنسانية يصبح المرء لا قيمة له، ولا خير يرجى منه، ويصير عبدا للشهوات وذليلا لغيره، ويضل الصراط المستقيم.

ومن عظمة الإسلام، المساواة في شمول الكرامة الإنسانية لكل البشر، فقد منح الله هذه الكرامة لكل الناس بلا استثناء، فلا فرق بين غني وفقير، وحاكم ومحكوم، فالجميع أمام الله وأمام القانون سواء، وفي الحقوق العامة سواء.

فالجميع سواسية في طبيعتهم البشرية، وعنصرهم الإنساني، وليس هناك جماعة تنحدر من سلاسلة خاصة، ينتقل أصلها هذا إليها بطريق الوراثة، إنما يقوم التفاضل بين الناس جميعا، على أسس خارجة عن ذلك مثل العلم والأخلاق والعمل. كما جاء في قوله تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا...} (فاطر: 11)، وقوله عز وجل:{يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا...} (الحجرات: 13)، وقوله سبحانه: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ...} (الإسراء: 70)، وقوله صلى الله عليه وسلم :"... الناس بنو آدم و آدم من تراب" (رواه الترمذي).

فقد أكرم الله الإنسان وجعله مناطا للأمانة وحمله إياها، واستخلفه في الأرض، وارتضى له الإسلام دينا، فالإسلام دين الحياة، فهو يدعو الإنسان إلى أن يمارس هذه الحياة، بالحضور والإنتاج، وأن يكون له دور فاعل في تلك الدنيا، وأن يكون هذا الحضور متصفا بالعزة والكرامة والشرف.

فقد جعل الله الكرامة الإنسانية حقا لكل الناس كما في قوله تعالى:} وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} (الإسراء: 70).

وجاء الإسلام ليقوي تلك الصفة في النفس البشرية، وليدلها على الطريق القويم، فتحفظ كرامتها وتحقق سعادتها في الدارين.


: الأوسمة



التالي
من التاريخ المخفي للثورة المصرية
السابق
مفتي الديار الليبية.. عالم رباني ووطني غيور وثائر جسور

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع