البحث

التفاصيل

هذا اسلامنا

الرابط المختصر :

الجميع يعرف أن ( المعتزلة ) واحدة من الفرق الإسلامية ، وأنهم أكثر هذه الفرق الإسلامية إلحاحا على أهمية العقل وضرورة ان يكون حكما نعرض عليه النصوص والمأثورات:

والكثيرون يعرفون ان هذه الفرقة قد نشأت سياسية فكانت إحدى حركات المعارضة للدولة الأموية منذ أواخر القرن الهجرى الأول

لكن الكثيرين يعرفون ان ( المعتزلة ) قد كانوا طلائع المبشرين بالفكر القومى العربى ، كما لو كانوا فرسان العقلانية فى تراثنا .. وإذا كانت حضارتنا قد عرفت تألقها وبلغت قمة ازدهارها فى العصر العباسى الأول ، خاصة عصر المأمون (170ــ 218هـ 786ــ 833م) فإن هذا العصر هو الذى ساد فيه (المعتزلة ) وشاعت أفكارهم وهو أيضا الذى تألقت فيه الفكرة العربية ، بمضمونها الحضارى غير العنصرى ، فى تقليل الشعوبية الأعجمية والعصبية القبلية ، كما تألقت العقلانية فى تقابل منهج النصوصيين !.. حتى لكأنما العقلانية والقومية كلاهما قد مثلا وجهى عملة الحضارة العربية الإسلامية فى عصر تألقها وازدهارها !..

وهناك حقيقة مهمة ــ وطريفة تلفت نظر الباحث فى تراث (المعتزلة) ، وتكوينهم كفرقة وفى الجمهور الذى استجاب بالفكر هم القومى والعقلانى فى ذلك الوقت المبكر من تاريخنا، فمعلوم ــ

فى الدراسات الاجتماعية ــ أن المجتمعات الزراعية وكذلك البدوية لا تهتم كثيرا بالمناهج العقلانية فى التفكير ، وصياغتها المركبة والمعقدة ،بل قد تنفر منها نفورا فلماذا انتشرت فرقة المعتزلة وساد فكرها حتى صبغ حضارته بطابعه ومنا غير قصير ؟.. وأين ووسط اى مناخ بشرى كان ذلك الانتشار ؟..

لحسن حظ الباحث فى هذه القضية ، أن تاريخنا الفكرى قد حفظ لنا فصلا كتبه أبو القاسم البلخى  (319هـ ـ 931م) فى كتابه (مقالات إسلامية) ـ وهو أقدم كتاب فى هذا الفن ــ وفى هذا الفصل يتحدث البلخى عن البلاد والمدن التى انتشرت فيها فكر المعتزلة "العقلانى ــ القومى" أكثر من غيرها ،فإذا نحن أخذنا أسماء هذه البلاد والمدن ، ووضعناها على خارطة الدولة الإسلامية فى ذلك التاريخ ظهر لنا حقيقة مهمة جدا تقول : إن فكر المعتزلة قد انتشر فى المدن و فى ذلك التاريخ!.البلاد التى ارتبطت بطرق التجارة فى الدول العربية الإسلامية فى ذلك التاريخ!.

فلقد كانت التجارة تأتى من الصين فتمر بطريق تقع عليه مدن مثل : سمرقند ،وبخارى ، مرو ، ونيسابور ، والرى ، وتبريز ، وبغداد ،وديار بكر، ثم آسيا الصغرى فأوربا .. كما تأتى هذه التجارة ــ من الهند إلى الخليج ، فالبصرة فبغداد ، فآسيا الصغرى ، فأوربا .. أو من الهند وجزرها إلى عدن ، فصنعاء فمكة ،فأيله ، فدمشق فحمص ، فآسيا الصغرى فأوربا .. وحول هذه الطرق ، وفى ارتباط وثيق بها كانت المدن والقرى والبلاد التى انتشرت فيها فكر المعتزلة ، كما ذكرها البلخى  فى (مقالات الإسلاميين ) !.. بل لقد كان المعتزلة هم الذين نشروا الاسلام فى الكثير من هذه البلاد!.

فإذا أضفنا إلى ذلك اشتعال العديد من علماء المعتزلة بالتجارة والحرف والصناعات والعلوم الطبيعية ، الأمر الذى نلحظه حتى فى ألقابهم التى اشتهروا بها وضحت لنا الخيوط الاجتماعية التى جعلت هؤلاء الأعلام وهذه البلاد تقبل على الفكر العقلانى     أكثر من غيرها من البلاد !.. ووضح لنا كذلك لماذا ضمت فرقة المعتزلة الكثير من الموالى ، ومع ذلك كانت حربا على الشعوبية والشعوبيين ، على عكس ما صنع الموالى الذين انضموا لفرق الشيعة ، فلقد كانوا شعوبيين فى الكثير من الحالات!.. فإنهم كانوا أعداء للشعوبية ، مبشرين ــ كالجاحظ (163ـ 255هـ 780ـ 869م)  ــ بفكر جديد يوحد أبناء الأمة بمعيار جديد .. لقد كانوا ــ ككل المعتزلة ــ قوميين عقلانيين ، لأنهم ــ اجتماعيا ــ ماكان لهم إلا أن يكونوا قوميين ينتصرون  لعزوبة اللسان : وعقلانيين يبتعدون عن نصوصية الجمود والتقليد !؟..


: الأوسمة



التالي
الأمانة التي كلفنا الله بحملها وتوصيلها للأجيال القادمة هي هذا الدين العظيم
السابق
إعذار إلى الله واعتذار لمصرنا وأهلنا

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع