البحث

التفاصيل

في ذكرى رحيل الطاغية جمال عبد الناصر

عبد الله الدمياطي


تتفق سائر الأمم والشعوب منذ فجر السلالات البشرية على جملة من المسلمات وحزمة من البديهيات التي تخضع بدورها إلى المنطق والفكر السليم ، ولعل أبسط تلك المسلمات والبديهيات التي تتفق بشأنها سائر الأمم وكافة الملل والنحل هو أمر الاتفاق على إدانة الشر والتنديد بأصحابه و لعن مرتكبيها أيا كانت انتمائهم أو أديانهم


ومن التاريخ يبين لنا انا سائر الأمم توحدت على إدانة الشر وتسمية الأشرار بأسمائهم وأفعالهم الاجرامية، ان كل شعب من شعوب الأرض له قادته ورموزه ومفكريه يحتفل بهم ويمجد ذكراهم، في الوقت الذي نجد فيه تلك الأمم تستذكر ماضي طغاتها من الحكام لتلعنهم وتذم أفعالهم وتحذر من مغبة الإذعان لأمثالهم، حتى تمنع من على شاكلتهم ومن يتبع سلوكهم الى الوصول الى سدة الحكم. فالأشرار لا ينتهون فهم موجودون في كل زمان ومكان ما بقي الليل والنهار


إلا ان الحال ينقلب رأسا على عقب بالنسبة لنا حيث يقع الخلاف والاختلاف حول طغاة وعتاة فاقوا قدماء الطغاة بما أقدموا عليه من فظائع يندى لها جبين الإنسانية ، لقد اختلفنا حول شخصيات موغلة في القبح والجرائم كان يستولي احدهم على الحكم ويزيح من كان قبله, يدعي الخير والنعيم للشعب ولكن سرعان ما يمارس استعباد وقمع الشعب، شخصيات أذاقوا شعوبهم وبال المر والأذى والظلم والتجبر، شخصيات مصابون بداء العظمة والنرجسية والسادية دفعة واحدة,


في بلادنا فقط يتباكون على الطاغية مدعين انه يمثل الرمز الحقيقي للوطن والأمة, والشعب, والقيم الإلهية, إذا كان كذلك وفق منطقكم فأي أمة من ورق تعيش على الشعارات والأكاذيب والأوهام ؟ وما الذى فعله الطاغية حتى تتعاطف كل هذه الجموع معه غير مصادرة أبسط حقوق التعبير وسحل كل معارض وقمع من لا يسبح بحمده وهتك عرض كل من يحلم بالحرية وينادى بها، وقصص التعذيب للمعتقلين في السجن الحربى كثيرة تقشعر بها الأبدان، فهؤلاء الطغاة لا يغتصبون السلطة والمال فقط في دولنا البائسة هم أيضاً يغتصبون الأجساد البشرية وأرواح الضحايا وشرفهم وإنسانيتهم .


علينا ان نتساءل ماهي الأسباب الكامنة وراء ظاهرة تمجيد الطغاة؟ لماذا دائما نصفق للحاكم للطاغية الذي يأتي من السماء على ظهر دبابة ويملئ الافكار بالأوهام والاكاذيب، القائد ذات القدرات الخارقة التي تلائم العقول التي عششت فيها الأوهام لماذا نترحم على طغاتنا ونحن نعلم والتاريخ يشهد ان نظام حكم الطاغية المقبور نظام مستبد وظالم يحكم بالنار والحديد على كل من ينادي بالحرية, عاش الشعب يعاني من الفقر والمرض والتهميش مسلوب الحرية والارادة مكمم الافواه كانت سمه حكمه هي الخوف والمذلة والجبن والانجرار والانصياع لحكومات الخوف البوليسية، فمجرد ان تفكر في الاعتراض او النقاش كان الإعدام هو الوسيلة الوحيدة لديه، فقد سالت انهار من الدماء الزكية على يد هذا الطاغية، لقد حول الشعب إلى قطيع من النعاج خوفاً وجبناً، هذا الطاغية كل ما يفعله هو ان يملئ الدنيا صراخاً مناديا بالقيم السامية والوطنيات الكاذبة والقوميات الفاشلة, لم يفعل شيء لشعبه ولا لوطنه فلم يدخل معركة الا وخسرها وخسر فيها قطعة من وطنة، وبعد هذا يقال له بطل القرن أي قرن وهو يحكم بالمعتقلات والسجون والتعذيب وبالقبضة الامنية، لقد زرع في كل بيت مصيبة، وفي كل عائلة قصة حزينة وقهراً لن ينسى، لقد رسخ في الوطن وطنية مفككة ممزقة وحرية مجهرية لا يمارسها المواطن إلا مرة واحدة تتجسد في قول كلمة نعم للزعيم الذي لا قبله ولا بعده زعيم


لا نتعجب فنحن نعيش في عصر العقول الخاوية، والضمائر الميتة عصر ترسم سياساته مجموعة من التافهين الأغبياء، ليس صعباً عليهم أن يحولوا الطغاة الى زعماء، فقد نجحوا هؤلاء في صناعة إعلامية تحويلية تحول الخزي إلى عز، والظلم إلى عدل، والباطل إلى حق، والاستبداد إلى حرية وديمقراطية، والهزيمةَ المنكرة إلى نصر مؤزر وتحول من كان السبب فى هزيمة ونكسة إلى زعيم تاريخي


اخيرا لا أدري متى سيقتلون أنفسهم هؤلاء الظلاميون ليغسلوا عارهم ؟


: الأوسمة



التالي
جمال ماضي.. ورحلة عمر في خدمة الدعوة الإسلامية
السابق
التشطيب على الكولونيل تشطيب على شعار “دولة الحق والقانون“

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع