البحث

التفاصيل

شهادتي في "أبو زيد دوردّه"

الرابط المختصر :

طلب مني الأستاذ أبو زيد دوردّه شهادة في حقه، فحضر أمامي قول الله تعالى: " وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُوا" (البقرة، آية:282).

ــ وقوله تعالى: " وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ" (البقرة، آية: 283).

ــ وقوله تعالى: " وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " (المائدة، آية:8).

والرجل الآن بين الجدران في السجون الليبية، ونرجو من الله تعالى أن يوفق القضاء الليبي إلى إقامة العدل ورفع الظلم، وإرجاع ثقة الناس فيه، وما ذلك على الله بعزيز.

1 ـ كان للأستاذ أبو زيد جهود كبيرة ما قبل الثورة في التواصل مع الليبين الذين تركوا البلاد لأسباب سياسية وغيرها، وكان حلقة وصل قبل تولي مسئولية الأمن الخارجي في النظام السابق بين الدولة والمواطنين، وساعد الكثير من الليبيين رجالاً ونساءًا وأطفالاً في إرجاع جوازات السفر وعودتهم إلى بلادهم معززين مكرمين، وكان يتابع بنفسه كل حالة من هذه الحالات، وفي ذلك الوقت كان من الصعوبة بمكان من رجالات النظام السابق من يتحدث مع رأس النظام في مثل هذه الأمور، وفتح حواراً مع فصائل سياسية معارضة.

2 ـ كانت له جهود تشكر في إخراج الكثير من سجناء الرأي، وذلك بالتأثير على صاحب القرار في البلاد، وحدثني قبل الثورة عما بذله في دفع وحلحلت ملف الإخوان المسلمين الذين كانوا قابعين في أبو سليم ونجح في ذلك وكان من أسباب خروجهم.

3 ـ ولما تولى جهاز الأمن الخارجي دفع بقوة نحو خروج سجناء أبو سليم وساهم في تذليل الصعاب وتحدث مع كبار المسئولين في الإشادة بالحوار مع السجناء وما وصل إليه، وقال لي: أنا لا أساهم في إدخال الناس للسجون، وإنما أعمل على إخراجهم، وكانت هناك معارضة من بعض قادة أجهزة الأمن، واستطاع أن يكون من أعمدة الدولة الحريصين على نجاح الحوار مع الجماعات الإسلامية وإخراج السجناء.

4 ـ في ذكرى الأربعين للنظام السابق، حاول بعض المنتقدين استغلال الحدث والعمل على الابتزاز السياسي لأخذ بعض المقابلات التليفزيونية الأجنبية مع السجناء والاعتذار لرأس النظام، وكان رأيي ورأي قادة الحوار في السجن الامتناع عن ذلك لما فيها من المهانة والاذلال لهم، وذهبت إلى الأستاذ أبو زيد في مكتبه واقتنع بوجهة نظرنا، وطلبت منه اقناع سيف الإسلام بذلك، وأزاح الله به عن السجناء هماً وغماً وحرجاً وإهانة مقصودة، وهم الآن خارج السجن وبعضهم في مفاصل الدولة.

5 ـ عندما أطلقت السلطات الإيرانية الأسر العربية التي هاجرت من أفغانستان إلى إيران نتيجة أحداث 11 سبتمبر 2001م هاجرت أسرة أبو أنس الليبي من إيران إلى تركيا، وكان ذلك عام 2010م، ولم تكن معهم أية أوراق ثبوتية ولا وثائق سفر، واتصل بي شقيق زوجة أبو أنس الليبي وأخبرني بالمعاناة التي تمر بها أخته وأطفالها، واتصلت بالأستاذ أبو زيد، وقال لي: بإذن الله خلال 48 ساعة ستكون السيدة مع أطفالها في بلادها معززة مكرمة، وهذا ما تم بالفعل، فأخرج لهم وثائق السفر والتذاكر، وتابع الموضوع حتى وصلوا إلى طرابلس، وأعلمني بذلك بمجرد الوصول.

6 ـ وكان بعض الليبيين من طلاب العلم باليمن وقعوا نتيجة لعدم الحصول على الإقامة في قبضة السلطات اليمنية، وأخبرني أهالي السجناء هناك، وتابعت الأمر مع الأستاذ، وتم إطلاق سراحهم، وغير ذلك من المواقف الوطنية والإنسانية من هذا النوع، وكان من أسرع الناس في إخراج الجوازات لليبيين الذين منعوا منها سنين عددا، وهم في خارج البلاد، وكذلك تسهيل إجراءات عودتهم، والحصول على كتيبات العائلة وغير ذلك، وكانت هذه الأمور تعتبر مشاكل كبيرة في وقتها.

وكان لا يتكبر ولا يستنكف عن مقابلة المواطنين الذين يطلبون مني ترتيب لقاء معه لحل بعض المشاكل التي يمرون بها بعد رجوعهم للبلاد.

7 ـ وأما في المفاوضات الشهيرة أثناء الثورة التي رعتها السلطات المصرية مشكورة فقد طلبنا شخصيات وطنية للحوار معها بعد الاتفاق مع السيد مصطفى عبد الجليل، ومنهم الدكتور جاد الله عزوز الطلحي، والدكتور عقيل حسين عقيل، والأستاذ أبو زيد دوردّه، لبحث عن حل يعتمد على رحيل رأس النظام وأتباعه وتجنيب العاصمة من الدمار، وحقن دماء الليبيين، ودعوتهم للإنضمام للثورة لقناعتنا بأن هذه الشخصيات ذات حظوظ عالية في الحس الوطني، وحضر الدكتور عقيل، وقد كتب تفاصيل المفاوضات في كتابه، وكان الأستاذ أبو زيد حاضراً ولم يغب الحس الوطني ولا الحرص على المصلحة الوطنية العليا في حديثه وإن كان له خياره السياسي وموقفه الذي اختلف فيه ما كاتب هذه الشهادة والكثير من أبناء الوطن.

لقد حان لليبيين رجالاً ونساءً وشيوخاً وشباباً لأن تأخذ العدالة مجراها بدون تأثر أو خضوع من أي نوع من أنواع الضغوط، ولملمة الجراح والجلوس من أجل العدالة والمصالحة الوطنية، وتفعيل قانون العدالة الانتقالية المنسجم مع عدل الإسلام، والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

أنا لا أدافع عن أي شخص هتك عرض أو سفك دم، أو عذب ليبي، أو سرق مال عام، أو إنتهك أي حق من حقوق الناس إذا قامت البينة وحكم بالقانون والقضاء:

ــ بالأدلة القاطعة لا بالشبهات الواهية.

ــ وبروح العدالة لا بمرض الإنتقام والتشفي.

ــ وبحب ومعرفة الحقيقة لا بتزوير وتزييف الباطل.

ــ وبالمصلحة العليا للبلاد لا باجترار الأحقاد.

وأنا ضد محاسبة الناس على آرائهم السياسية أو الفكرية.

فالوطن يسع جميع أبنائه بكل ألوانه وأطيافه وأفكاره، وهذا من معاني الحرية التي ينادي بها الأحرار الذين أعانهم الله على تحقيق المباديء السامية والتغلب على أمراض النفوس، هذا ما رأيت، وإنما شهادة وليست دفاع، فإن كان هناك من لديه ما يدين به الرجل فأمامه القضاء.

" وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ"


: الأوسمة



التالي
مفارقات بين السياسة و الخساسة
السابق
هل الدولة السورية قابلة للتقسيم؟

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع