البحث

التفاصيل

معالم جوهرية لسياسة الثورة في سورية (نبيل شبيب)

معالم جوهرية لسياسة الثورة في سورية
الإعداد الضروري لضمان مسار طريق ما بعد إسقاط بقايا النظام  


بدأت المرحلة الأخيرة من انهيار العصابات الإجرامية الهمجية المتسلطة في سورية.. واقترب تحقيق أوّل أهداف الثورة: الشعب يريد إسقاط النظام. ولا بدّ من الإعداد الآن ومن مواصلة الجهود على مسار الثورة لتحقيق الأهداف التالية لهذا الهدف.


ندعو في رمضان دعوة المخلصين، ونتوقع مع الدعاء عبر النظرة الموضوعية، أن النصر الأول قريب.. وسيتنفس الشعب المعرّض للقصف الإجرامي اليومي أنفاس الحرية وهو يفجّر القضبان التي تعتقل الحرية.. ستتحرر الحرائر ويتحرّر الأطفال ويعود النازحون عن أحيائهم المنكوبة داخل وطنهم ما بين دير الزور واللاذقية وما بين القامشلي ودرعا ليبنوها من جديد.. سيخرج المعتقلون ويعود المهجّرون ليحتفلوا مع ذويهم بانتهاء المعاناة، وبالشهداء في جنان الخلد.


هل في هذه الكلمات تفاؤل زائد؟.. ألم يكن ما قيل في مطلع الثورة عن حتمية انتصارها عرضة لكلمة "تفاؤل زائد"؟.. دعونا نتفاءل!..


سينضمّ المتفائلون اليوم في أحياء المدن السورية إلى الثورة إن لم يكونوا قد انضموا من قبل، وسيتحوّل كلّ عاقل من بقايا العقلاء ممّن لا يزال "شبح النظام" مسيطرا عليهم بأجهزته.. سيتحوّل اليوم عبر توقّعه انتصارَ الثورة إلى "عبوة ناسفة" لبقايا العصابات المتسلّطة.. وستستفر كل مواجهة بين جيش حرّ وبين أسلحة الهمجيين الثقيلة عن خطوة أخرى في اتجاه النصر.


نتفاءل.. إنما نحتاج إلى ما هو أبعد بكثير من التفاؤل، وهذا ما ازدادت في الآونة الأخيرة المؤشرات على ضرورة استيعابه والتصرّف بموجبه، إذ نرصد:


- تحرّكات ديبلوماسية دولية محمومة، كلّ في اتجاه، وجميعها لا يتطابق مع اتجاه أهداف الثورة..


- تحرّكات تحمل أسماء متعدّدة للمعارضة، كلّ في اتجاه، ولا تكاد تقترب من أهداف الثورة إلاّ قليلا..


- تحرّكات تحمل عناوين المقاتلين الأحرار، إنّما يصعب فيها ظهور معالم الطريق لتحقيق أهداف الثورة..


نحتاج إذن إلى التفاعل الحيّ السريع مع واقع المرحلة الراهنة وليس إلى التفاؤل فقط، فلا شكّ في ضرورة العمل المكثف من أجل:


- ضمان مسار الثورة.. ألا تُختطف من أيدي صانعيها ووصايا الشهداء ومعاناة الجرحى والمعتقلين.


- ضمان مسار الثورة.. أن تتلاقى جهود المخلصين على قواسم مشتركة يتنامى مفعولها على أرض الواقع.


- ضمان مسار الثورة.. أن تتوافر شروط بناء دولة الحرية والكرامة.. بمرجعية الإرادة الشعبية المتحررة.

. . .

من يضمن مسار الثورة بتأمين الشروط الموضوعية لذلك؟..
أولا: الذين يصنعون الثورة داخل الوطن ويقتربون بمسارها نحو النصر على طريق التضحيات والبطولات.


ثانيا: المخلصون الصادقون في دعم الثورة حيثما وجدوا من الأرض، خارج تأثير التحزّب والتعصّب.


ثالثا: المخلصون من أصحاب التخصصات الضرورية لصياغة معالم الطريق والنهوض بأعباء المرحلة الحالية.


لا بدّ أن يبادر الثوار والمخلصون من المتخصصين والداعمين للثورة، إلى وضع خارطة الطريق نحو انتصار الإرادة الشعبية في الثورة السورية.


الكلمات في كثير من المواثيق والعهود والشعارات تتحدث عن أهداف الثورة.. فما مدى ارتباطها على أرض واقع مَن يمارسون السياسة ويعقدون المؤتمرات ويعلنون المبادرات بأهداف الثورة؟..


الثورة اليوم في حاجة إلى "كلمات" تعبّر عن تلك الأهداف، وترتبط مباشرة بصانعي الثورة على أرض الوطن.


الثورة في حاجة إلى (عهد سياسي ثوري) يتلاقى عليه الثوار، بصياغة محكمة، لثوابت الثورة، وقيمها، ومبادئها، وغاياتها الكبرى، تجد تأييد الشعب الثائر بجميع مكوّناته، وتضع جميع القوى الدولية وغير الدولية أمام رؤية ثورية جامعة مانعة..


الثورة في حاجة إلى (ميثاق سياسي ثوري) يتلاقى الجميع عليه بمعالمه الكبرى، ويحدّد بتفاصيله بصياغة محكمة، أهداف الثورة، وضوابط مسار الثورة، والخطوط الحمراء المحرّمة على كلّ من يتحدّث باسم الثورة أو يطرح مطالب يوجّهها إلى الثورة والثوار..


الثورة في حاجة إلى (خارطة طريق استراتيجية) يضعها المتخصصون المخلصون من الحقوقيين الأحرار، من القضاة والمحامين المتحرّرين من قبضة بقايا النظام الهمجي، ويحدّدون من خلالها الخطوات المتتالية المطلوبة، ما بين لحظة استكمال إسقاط بقايا النظام، وبين لحظة انتشار الاطمئنان أنّ إرادة الشعب المتحررة وجدت سبيلها إلى ترسيخ دعامات دولة دستورية تعدّدية مستقرة.


مرة أخرى: لا يمكن أن يقوم الآن بهذه المهمة، سوى (1) الذين يصنعون الثورة داخل الوطن و(2) من يثقون بهم من المخلصين في دعم الثورة حيثما وجدوا من الأرض و(3) من يثقون بهم من المخلصين من أصحاب التخصصات الضرورية لصياغة معالم الطريق والنهوض بأعباء المرحلة الحالية.

. . .

لم يعد يوجد متسع من الوقت للانتظار، فانهيار بقايا العصابات المتسلّطة يتسارع أكثر ممّا يقول به المتفائلون، والجهود المبذولة خارج نطاق هدف تحرير الإرادة الشعبية تحريرا ناجزا أظهر للعيان من قابلية تجاهلها وأكبر وأخطر من قابلية الاكتفاء برفضها، كما أنّ المعاناة اليومية على أرض الوطن أصبحت -جنبا إلى جنب مع الانتصارات البطولية التي يصنعها الأحرار في الوطن- تفرض على الجميع الإعداد الآن أثناء تحقيق الانتصار الأوّل: الشعب يريد إسقاط النظام، من أجل ما يليه: ضمان مسار طريق ما بعد إسقاط بقايا النظام.


: الأوسمة



التالي
مفارقات بين صيف العابدين وصيف العابثين
السابق
الإسلام الذي ندعو إليه

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع