البحث

التفاصيل

حرية ممارسة العبادة

الرابط المختصر :


تتطلب المعتقدات ممارسة لها في صورة عملية تتمثل في ممارسة الشعائر والطقوس المنبثقة عن هذا المعتقد.


والإسلام الذي كفل للمخالفين حرية اعتقادهم أقر بحقهم في ممارسة شعائرهم الدينية وفق ما يعتقدون وحمى كنائسهم ومعابدهم.


وقد جاء في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لأهل نجران عندما صالحهم: أن لنجران وحاشيتها ذمة الله وذمة رسوله على دمائهم وأموالهم وملتهم وبيعهم ورهبانيتهم وأساقفتهم وشاهدهم وغائبهم، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير، وعلى ألا يغيروا أسقفًا من سقيفاه، ولا راهبًا من رهبانيته .والأسقف هو رئيس النصارى فى الدين والراهب هو المتبتل المنقطع للعبادة التارك للنساء كما جاء فى لسان العرب .

وتحدثنا كتب الآثار والتاريخ زمن الفتوحات الإسلامية عن التطبيق الأمين من الصحابة والتابعين لهذا الهدى النبوى فى مجال حرية ممارسة الشعائر فقد روى أبوعبيد بسنده عن عبد الله بن عوف قال: سألت الحسن عن نيران المجوس: لم تركت؟ قال: على ذلك صولحوا.


وقد صالح خالد بن الوليد أهل دمشق وجاء في كتابه: هذا كتاب من خالد بن الوليد لأهل دمشق: إني قد أمنتهم على دمائهم وأموالهم وكنائسهم .


ومما جاء في كتاب حبيب بن مسلمة لأهل طفليس من أرض الأرمن إن الأمان لكم ولأولادكم ولأهاليكم، وأموالكم، وصوامعكم وبيعكم ودينكم وصلواتكم .


قال أبو عبيد: والصلوات بيوت تبنى في البراري للنصارى يصلون فيها في أسفارهم تسمى صلوتا فعربت صلوات، ومنه قوله تعالى : ﴿ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ ﴾ إنما أراد هذه البيوت على ما يروى في التفسير. 
 ويروى أن عمر بن الخطاب عندما ذهب ليعقد معاهدة السلام والأمن مع القائمين على إيليا، رأى هيكلًا لليهود قد ستره التراب ولم يبق منه إلا أعلاه، فجاء بفضل ثوبه وأخذ بعض التراب المتراكم فيه، فاقتدى به جيش المسلمين فزال كل ما ستر الهيكل من تراب، وبدا واضحًا ليقيم اليهود عنده شعائرهم .. أين هذا مما صنعه الصهاينة فى غزة طيلة الأيام الماضية من هدم عشرات المساجد وتدميرها تدميرا كاملا ؟!!


وقد حضر وقت الصلاة، وعمر بجوار كنيسة بيت المقدس فصلى خارجها، فقيل له ألا تجوز الصلاة فيها؟ فقال الحاكم العادل: "خشيت أن أصلي فيها فيزيلها المسلمون من بعدي ويتخذوها مسجدًا ويقولون : هنا صلى عمر .
وقد أورد ابن إسحاق أن وفد نجران من النصارى لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، دخلوا عليه مسجده حين صلى العصر عليهم ثياب الحبرات جبب وأردية في جمال رجال بني الحارث بن كعب. قال يقول بعض من رآهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ ما رأينا وفدا مثلهم وقد حانت صلاتهم فقاموا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوهم ". فصلوا إلى المشرق .


وقد ذكر ابن القيم هذه الرواية فى إعلام الموقعين وعقب عليها بقوله : فيها جواز دخول أهل الكتاب مساجد المسلمين وفيها تمكين أهل الكتاب من صلاتهم بحضرة المسلمين وفي مساجدهم أيضا إذا كان ذلك عارضا ولا يمكنون من اعتياد ذلك .


ومع هذه الصورة المشرقة لاحترام المسلمين لعقائد غير المسلمين وممارسة شعائرهم نجد على النقيض صورة أخرى لشعوب تتغنى بالحريات واحترام معتقدات وشعائر الآخرين نظريا ثم هى لاتتحمل تبعات هذا الاعتراف عمليا على أرضها.


من ذلك ما قرره الشعب السويسري في الاستفتاء الذى جرى منذ عدة سنوات حول تعديل المادة 72 من الدستور لتتضمن فقرة جديدة تمنع بناء المآذن في المساجد، وجاءت النتيجة بنسبة 57.4% بالموافقة على هذا التعديل.


وقد كشفت هذه النتيجة عن التناقض الصارخ بين نعت الشعب السويسري بالديمقراطية وحرية الأديان وبين المضمون العنصري لهذا الاستفتاء ومعارضته للدساتير ومواثيق حقوق الإنسان والحرية الدينية، والتنوع الحضاري .. وهذا لون من التضييق يتنافى مع حرية ممارسة الشعائر ولكنه يختلف بالطبع عن صنيع بعض المتعصبين فى البلاد الأوربية والإفريقية والآسيوية من هدم دور العبادة للمسلمين وحرقها.


: الأوسمة



التالي
من الفرعونية إلى العروبة والإسلام
السابق
الرِّدَّة الثورية في مصر وعِبْرةُ الانقلابات التركية

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع