البحث

التفاصيل

سليم العوا: هذه أسس العلاقة بين المُسلم والآخر في الوحي القرآني والسنة النبوية

 

 

 

 


استعرض الدكتور محمد سليم العوَّا - الأمين العام السابق للإتحاد العالمي لعلماء المسلمين - والمفكر الإسلامي المعروف، أسس العلاقة بين المسلم والآخر في محاضرة نظمتها حركة التوحيد والإصلاح، مساء أمس الإثنين، (26 ماي)، بالرباط، في إطار سلسلة دروس سبيل الفلاح، انطلاقا من الوحي القرآني والسنة النبوية الشريفة، وأكد العوا في محاضرته أمام عدد من العلماء والأساتذة والطلاب على أن الإسلام حدد علاقة المسلم بالآخر على أسس الأخوة والقبول والاحترام والمساواة.

وقال العوا أنه منذ اللحظة التي نزل فيها الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في غار حراء وقال له جبريل اقرأ باسم ربك الذي خلق، أصبح العالم قسمين بالنسبة إلى رسول الله الذي أصبح قسيم وحيد والعالم كله آخر بالنسبة إليه، وهو على تلك الحالة لم يأمره الوحي الإلهي أن يستكبر على المشركين أو ينظر إليهم باستعلاء أو أن يتطاول عليهم لأنه مُسلم وهم كفار، وإنما أمره الوحي القرآني بتبليغ الرسالة إليهم وأمره أن يكون عابدا بينهم.

وأضاف الكاتب المصري البارز، أن الوحي الرباني أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في ذات السياق بعدم طاعة المشركين من غير استخفاف بهم ولا استكبار عليهم، في قوله تعالى{ فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ}، كما أمره كذلك بالصبر في الآية الكريمة {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً (8) رَبُّ الْمَشْرِقِين والمغربين فاتخذه وَكِيلاً (9) وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلاً}.

وأسهب العوا مستعرضا سياق بروز جدلية "المسلم والآخر"، بالرجوع إلى عهد النبوة حيث تَكوَن فريقان بعد نزول الوحي على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وهما فريق المتقين الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه، وفريق المشركين اللذين يردون القول بالخصومة والفجور، مُبينا أن الوحي المكي (الذي نزل على رسول الله بمكة المكرمة) ركز على إصلاح العقيدة وتثبيت التوحيد النفوس وتحسين الأخلاق وتهذيب معالم السلوك وتسويتها، ودعوة غير اليهود والكفار للإسلام، في حين ركز الوحي المدني (الذي نزل على رسول الله بالمدينة المنورة) على التشريع الإسلامي والحُكم.

كما أن الوحي المدني يضيف العوا؛ أخبر الرسول بأن اليهود لن يتبعوه فأمر عليه الصلاة والسلام بإيجاد وسيلة تُدْخلهم في عباءة الدولة وظلها، وبعد مشاورة أصحابه أملى بصياغة ما يُعرف بـوثيقة "صحيفة المدينة" المنورة، والتي نصت على "أن اليهود أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم"، وشددت على احترام حقهم في الحياة وكافة شؤون دنياهم، كما أصلت لمفهوم الأخوة على أساس الإنسانية وليس على اعتبار الدين، لأنهم نُظراء للمسلمين في الخلق في قوله عزوجل {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}.

وشدد العوا على أن التعامل مع المشركين والمُلحدين والوثنيين، ينبغي أن تتم وفق قاعدة قوله تعالى في سورة الكافرون، {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، كما أنه لا يجوز للمسلمين إكراههم على الإيمان، ولا يجوز أن تحميلهم أكثر من تذكيرهم برب العالمين، مصداقا لقوله تعالى {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ}.

وبخصوص الخلاف الذي يقع بين المسلم والمسلم وبينه وبين غيره من الناس، أكد الأمين العام السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أنه أمر فطري بين الناس وأزلي ولن يختفي من على وجه الأرض إلى أن يشاء الله تعالى، بما في ذلك الاختلاف الفكري والسياسي والاختلاف في الرأي، مستشهدا بقوله عز وجل { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا}.

أما المقصود في سورة الغاشية في قوله تعالى { إِلَّا مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ}، أوضح العوا أن الحديث في هذه الآية عن من أقيمت الحجة عليه وثبت البيان بين يديه وانقطعت حُجته في شركه وإلحاده، أما الذي في قلبه شك ولم يجد من يحاوره أو يقنعه بدليل الإسلام، أو انقطعت حجة الداعية أمام حجته العقلية القوية، فهذا أمره إلى الله، ولسنا مطالبين في حقه بشيء على الإطلاق.

وختم عضو هيئة الدفاع عن الرئيس المصري، محمد مرسى، محاضرته بالتأكيد على "أن الفصل بين المسلمين والمؤمنين وغيرهم في اللآخرة، وذلك في قوله تعالى {كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وليس لنا إلا أن نتقاسم في هذه الدنيا خيراتها وأن نعيش في بحبوحتها بما أنزله الله فيها من الموارد التي تكفي البشر جميعا لو أحسنوا أو تضيق بهم لو أساؤوا"، ليخلص إلى أنه لا يعتقد مُسلمٌ أن له اليد العُليا على الناس، وإنما هو من الناس يرتفع عند رب العالمين بمقدار ما يكون صالحا ومخلصا وصادقا ونافعا للخلق في الدنيا.

الإصلاح – عبدالرحيم بلشقار

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


: الأوسمة



التالي
مالي تزأر للإسلام
السابق
تدشين المؤتمر العالمي الرابع للغة العربية بماليزيا

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع