البحث

التفاصيل

الغنوشي .. معارضه راشده ام ضحيه انقلاب ناعم

الرابط المختصر :

قد لا استطيع ان أضيف قراءه متباينه للانتخابات التونيسيه بعد ان طالعت الكثير من التدافع في الرؤي و الاستنتاجات لنتائج الانتخابات.. ذهب البعض ليهنئ الشعب التونسي بتجربته الديمقراطيه و بينما يذهب اخرون ليحملوا حركه النهضه و رجالها أاكثر مما تحتمل المواقف غير مدركين ان ما حدث قد يكون افضل النتائج في مباراه انتهي شوطها الاول .. المجتمع التونسي ليس اسلاميا في صبغته ولم يخرج ليطالب النهضه بالحكم ...امام كل هذه التحليلات و الرؤي الايام القادمه فارقه في عمر الثوره التونسيه ..باختصار ... اما ان تكشر الثوره المضاده عن انيابها من خلال اقصاء الاخر والانفراد بقياده المؤسسات الامنيه و السياديه و المعلوماتيه و تتخذ مسار انتقائي في الحكم من خلال محاولات الخنق علي المعارضه ..او بين اتخاذ مسار  اكثر اعتدالا يهيء لمعارضه راشده يؤدي فيها الغنوشي دورا جديدا يمنح الاسلاميين فرصه اعطاء الدرس لمعارضه راشده تحترم نتائج الصناديق و قد يكون المسار الاكثر ذكاء لحزب نداء تونس  ..


لكن بين هؤلاء و اولئك ..يخطيء من يظن ان الثورات تسير في مسارها الي الاخير بلا تعثر و تأتي بنجاحاتها علي طبق من فضه . او تنجح في قطف ثمار  الديمقراطيه بدون ارتداد عنيف للثورات المضاده ..نعم الشعب التونسي يواجه ثوره مضاده تختلف الياتها عن ما حدث في اوكرانيا علي يد تشاشيسكو او في مصر او اليمن و سوريا فقد تكون تونس البلد الاكثر حظا من وجه و اليه اعتداء الثوره المضاده علي ثوره الشعب ....ذات التجربه هي النسخه المصريه حال فوز احمد شفيق في انتخابات الرئاسه المصريه 2012 لكن المزاج الثوري لدي المصريين وقتها كان اكثر ارتفاعا و رغم ذلك خرج الصراع مع الثوره المضاده بنسبه تقارب التعادل ..لعلك تكون مخطئا اذا افترضت ان المرتدين علي ثورات الشعوب و العاملون خلف خطوط  الثوار لا يمتلكون حاضنه شعبيه توؤيهم و تمنحهم شرعيه التواجد فالكثير من شعوب المنطقه و حسب ما ذكره (الكاتب الفرنسي لونيه جوستاف في كتابه سيكولوجيه الجماهير) يعشقون هذه الحياه و يألفون صوره الطاغيه الذي يحكمهم باسم الزعامه و لا يفكرون في أليات التغيير و يفرغون محتوي عقولهم راضيين الي اعلام الزعيم والرئيس الاوحد ...


الدكتور الغنوشي ادرك الدرس جيدا عندما تفهم انه  مقدم علي مواجهه ثوره مضاده حقيقيه و ان الاعلام و المال يصنعان في الشعوب العربيه ما لا تسجله المواقف او تؤثر فيه كتب التاريخ فثقافه الشعوب لدينا لا يصنعها الكتاب و المؤرخيين و النخب الشريفه بقدر ان يصنعها من يدفع اكثر ..


الرجل الذي تلاحقه التحليلات السياسيه من كل جانب بدي اكثر تجانسا مع نفسه و فهما لحجم قدراته تتفق معه او تختلف عندما كان اكثر ذكاء في تصريحاته التي ادلي بها بأنه  مستعدّ لحكومة ائتلافية، يمكن أن تضم أحزاباً يقودها مسؤولون سابقون في عهد الرئيس السابق ..تفهم الرجل ان الفترات الانتقاليه للشعوب لا تقل عن دوتين او ثلاثه دورات انتخابيه حتي تنضج فيها الشعوب ديمقراطيا فقد يخسر شوط المباره الاول الي حين ترتيب اوراقه و تنظيم صفوفه و استكمال جاهزيته مع الجماهير لاداء يتطلب نفسا طويلا سواء كان متحالفا او معارضا في السنوات المقبله ..


الرجل قد يقبل بثوره مضاده لكنه امتص موجتها الاولي دون خسائر مباشره خلال  الصندوق ليرسخ مبدأ للاحتكام بين الجماهير .الفتره الانتقاليه قد طالت وهو ما أثر سلبا علي معطيات الاحداث وعدم شعور المواطن بنتاج حقيقي للثوره  و حزب نداء تونس تأسس بعد الانتخابات السابقه و لكن صناعه  الوعي في الشعوب العربيه التي لم يكتمل نضجها بعد بل تزال في بدايتها ..يبدو ان الرجل سبق محلليه لتفهم الواقع الجديد فأدرك الرجل أن منطق الغلبة العددية لن يؤدي إلى قيام حكم مستقر. العملية السياسية لا تقاس فقط بالأرقام التي تسفر عنها صناديق الاقتراع،و ليست مؤشرا لنضج المجتمعات او رؤيتها للحاكم  وإنماأيضاً، بمدى استعداد بقية القوى للتعاون على تحقيق التفاعل مع السياسات الجديدة والقوى الصاعدة وهو الامر الذي لم يستطع الاخوان ادراكه في مصر ..


في الفترات الانتقاليه مهمه اعاده بناء قدراتك و هيكله افرادك  قد تكون مهمه اكثر عناءا . العمل شاق من اجل صناعه اصطفاف مجتمعي يكون ضمانا لعدم تجبر السلطه الحاكمه و انفرادها بالحكم و يكون حاضنه لمعارضه رشيده تؤدي دورا حيويا في الحراك الشعبي و تكون حائط صد لعدم عوده النظام البائد او اعطاءه الفرصه و الوقت لترتيب اوراقه بما لا يخدم التغير الديمقراطي و ترسيخ الحريات ..


لا استطيع ان اتجاهل الحديث عن احترافيه الرجل في اداره المرحله الاصعب من عمر الثوره  فهو رجل لم تحركه الاحداث بل كان يصنعها .. الرجل لم يكن يطمع في تشكيل الحكومه حتي لو اتي باغلبيه .

استطيع ان اقول انه سوف يمارس احترافيته ايضا مع الاحزاب الاخري لتجميعها في حائط المعارضه و انه سوف يعود للجماهير ليعمق تنظيمه اكثر فلا تنسي ان الرجال لم يروا العمل في النور الا منذ اربع  سنوات .هم  يحتاجون لانضاج افكارهم و بناء كوادرهم في عمل المعارضه لتتهيء للحكم قادما ..فما اسفرت عنه تجربه الاخوان في مصر ان بناء كوادر كاريزيمه تستطيع اقناع الجماهير وتمتلك الخطط و مفاهيم الاحترافيه في الاداره و القياده امر يظل مفقودا بنسبه كبيره لدي ابناء التيار الاسلامي و ان كان الاخوان في مصر يمتلكون افضل الكوادر الا ان التجربه كانت اختبارا حقيقيا علي الاقل علي مستوي الاختيار ..أضف ان المباره السياسيه مازالت مفتوحه للانتخابات الرئاسيه التي يستطيع بها من خلال تحالفاته صناعه توازن جديد واري ان الرجل يحسن قراءه رقعه الشطرنج بالشكل الذي يضمن له البقاء في الميدان منافسا قويا سواء في معارضه راشده او في ائتلاف حاكم ....


: الأوسمة



التالي
الأخوة الإنسانية
السابق
الأقصى بين الهدم والتحرير

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع