البحث

التفاصيل

بعد الإعدام القرضاوي يرد على السيسي

الرابط المختصر :

 

هذا المقال مجرد كلمات للعلامة القرضاوي متفرقة في كتبه التي زادت عن الثمانين بعد المئة، رأيت أنها تصلح لتكون ردا على السيسي وأمثاله من الحكام المغتصبين والأمراء المتسلطين، وقد جمعتها ووجهتا إلى السيسي نظرا لترفع الشيخ عن الرد على السيسي وأمثاله فضلا عن إنشغاله بهموم أمته ومشروعه الفكري.


موقفي (القرضاوي) من المتطاولين علي:
إن تطاول السيسي ورجاله علي يجعلني أكرر ما قلته سابقا: إن هذه العداوات التي ليس لي نصيب في تحريكها حمدت الله تعالى عسى أن يكتب لي بعض الأجر بما يصيبني على ألسنة هؤلاء وأقلامهم فإن المؤمن يثاب رغم أنفه على ما يصيبه من هم وغم وأذى حتى الشوكة يشاكها يكفر الله بها من خطاياه وما أكثر خطاياي التي تحتاج إلى تكفير، ولا سيما أني متصدق بعرضي لكل مسلم يؤذيني إذا لم يكن خائناً لله ورسوله عميلاً لأعداء الأمة وأعداء الإسلام وأنا هنا أتمثل بما قاله الإمام الشافعي:


عداتي لهم فضل عليّ ومنة فلا باعد الرحمن عني الأعاديا ‍‍
فهم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها وهم نافسوني فارتقيت المعاليا


أما الفئة القليلة التي حاولت في المدة الأخيرة أن تقذفني بالحجارة من يمين وشمال وأن تشوش على مسيرتي فلا يسعني إلا أن أدعو الله لهم أن يهدينا وإياهم ويصلح بالنا وبالهم وقديماً قالوا : رضا الناس غاية لا تدرك . وقال الشاعر :


ومن من الناس يرضي كل نفس وبين هوى النفوس مدى بعيد

الحاكم الحق الذي أدعمه القرضاوي:
الحاكم الذي أريده وأدعمه: هو الذي يجعل أكبر همه وشغل فكره وقلبه ؛ هو نصرة الإسلام وتحرير أرضه واسترداد كرامته ورفع رايته في الآفاق إنه القائد الذي يجند طاقات الأمة كلها للجهاد : المادية والبشرية ويكون هو بخلقه وسلوكه قدوة لأمته في الزهد والتواضع والتقوى والإخلاص لله وإيثار الآخرة والإعراض عن زخارف الدنيا .


إنه الحاكم الذي لا يضيع درهماً من مال ولا ساعة من زمن ولا قليلاً من طاقة في غير خدمة المعركة المقدسة وما تتطلبه من تعبئة وإعداد إنه لا ينفق الجهود والأموال في الدعاية لشخصه ولا في التجسس على شعبه ولا في تصفية معارضيه والغدر بكل من يراه خطراً عليه ولو كان أقرب الناس إليه .


إنه الحاكم الذي يوالي من والى المسلمين ويعادي من عادى المسلمين ولا يواد من حاد الله ورسوله . ولو كان أباه أو ابنه أو أخاه .


إنه ليس بطلاً وطنياً ولا قومياً ؛ ولكنه بطل إسلامي لا ينتمي إلا إلى الإسلام وأمة الإسلام .


هذا الحاكم في نظر الإسلام وكيل عن الأمة أو أجير عندها ومن حق الأصيل أن يحاسب الوكيل أو يسحب منه الوكالة إن شاء وخصوصاً إذا أخل بموجباتها .


وهذا الحاكم في الإسلام ليس سلطة معصومة بل هو بشر يصيب ويخطأ ويعدل ويجور ومن حق عامة المسلمين أن يسددوه إذا أخطأ ويقوموه إذا اعوج .


السيسي وأمثاله في نظري (القرضاوي) :
أما الحكام الذين تسلطوا على رقاب الأمة اليوم فقد فاقوا كل الطغاة على مر التاريخ ؛ ولئن كان الحجاج بن يوسف الثقفي قد ضرب المثل الأعلى في طغيان الحكام؛ فإن حكام العصر فاقوا الحجاج، بل الحجاج أشرف من هؤلاء خصومة وأنبل سيرة بيقين.


وللسيسي إخوان في الحكم متطرفون يجاهرون بالعداوة لشريعة الإسلام ويسخر منها، ويعتبرها مناقضة للحضارة والتقدم فهو يرفض الشريعة رفضاً فهو أشبه بإبليس الذي رفض أمر الله بالسجود لآدم . وهؤلاء الحكام بأنهم انسلخوا من أمتهم كما تنسلخ الشاة من جلدها، إنهم يظهرون للناس بوجهين ويتكلمون بلسانين ويرقصون على الحبلين ويؤيدون الفريقين المتنازعين فهم كما قال الشاعر :


يوماً يمان إذا ما كنت ذا يمن وإن لقيت معدياً فعدناني ‍


هؤلاء يدعون الإسلام ويعلنون أنهم مسلمون وقد تراهم في المسجد مصلين أو في رمضان صائمين أو في مكة حجاجاً أو معتمرين .


ولكن مشكلتهم الجوهرية مع الشريعة وأحكامها أنهم يقبلون الإسلام عقيدة ؛ ولا يرضونه شريعة يؤمنون به دعوة ؛ ولا يؤمنون به دولة يريدونه علاقة بين المرء وربه ؛ لا علاقة بين الإنسان والإنسان فرداً أو جماعة . أعني : أنهم يريدون حبسه في ضمير صاحبه فإن كان لابد من أن يخرج من حنايا صدره ؛ فإلى المسجد لا إلى الحياة.


فلا علاقة للدين عندهم بالسياسة ولا بالاقتصاد ولا بالثقافة ولا بالاجتماع ؛ فماذا بقى للدين إذن؟


السيسي وإخوانه تجاوزوا كل الحدود:


ولقد بلغ تحدي السيسي وإخوانه من الحكام في أكثر البلاد الإسلامية لضمائر المسلمين حداً لا يحتمل . فمنهم من يرفض الإسلام جهرة منادياً بالتبعية للشرق أو الغرب ولا يقبل أن يبقى للإسلام مجرد زاوية يعبر فيها عن نفسه حتى المسجد أصبح الدين فيه موجهاً لتأييد النظام الحاكم ومن اجترأ على المخالفة فيا ويله ثم يا ويله !!


ومنهم من يدعي الإسلام ولكن إسلامه من صنع عقله هو ومن إيحاء هواه ومن تزيين شيطانه يأخذ من الإسلام ما يروقه ويدع منه ما لا يعجبه فما قاله عن الإسلام فهو الحق وما أنكره فهو الضلال لا يعترف بالسابقين ولا اللاحقين ولا المعاصرين ولا يبالي أن يخالف الأمة كلها سلفاً وخلفاً من الصحابة ومن بعدهم ولا حاجة به لأن يرجع لأئمة الفقه وعلماء الأصول ومفسري القرآن وشراح الحديث ؛ فهو الفقيه والأصولي والمفسر والمحدث والمتكلم والفيلسوف كما قال الشاعر قديماً :


ليس على الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد


وهو هذا الواحد ولا ثاني له !! حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في حاجة إلى أن يأخذ عنه ويتتلمذ عليه.


ومنهم من استورد الأفكار والقوانين ولكنه ترك للإسلام ركناً صغيراً على الرغم منه مثل الأحوال الشخصية في القوانين والحديث الديني في الإذاعة والتلفاز, والصفحة الدينية يوم الجمعة في الجريدة.. ونحوها.


ومن العجيب نرى هؤلاء الحكام الذين يلبسون لبوس الوطنية أو يزهون برداء القومية ينفذون حرفياً ما أوصى به أعداء الأمة.


وكثير من الحكام اليوم كان ينبغي أن يكونوا في قفص الاتهام لأنهم أحلوا ما حرم الله وحرموا ما أحل الله وأسقطوا ما فرض الله وشرعوا للناس ما لم يأذن به الله .


وأنه لو كان هناك قضاء عادل يمثل أمامه هؤلاء الحكام لتحاكمهم شعوبهم لكان أول تهمة توجه إليهم : أنهم خانوا شريعة الأمة وعطلوها عمداً ومشوا في ركاب المستعمر.


الشاغل للسيسي وأشباهه وأعوانهم:


أصبح الحكام في واد والشعوب العربية المسلمة في واد فالحكام يؤمنون بمذاهب وضعية، وفلسفات علمانية ويحكمون بقوانين أجنبية عن شريعة الله وهي شريعة الأمة أما جماهير الشعوب فلا زالت مؤمنة بربها ودينها وقرآنها ومحمدها . وترى أن كل خير في إتباع هدى الله والعمل بشريعة الله وأن كل شر وخسران في الانجراف عن صراط الله وعن هدي رسول الله .


ووالسيسي وعسكره وكفيله ومن ساعده مشغولون بتوطيد سلطانهم وتثبيت كراسي حكمهم باضطهاد كل فرد أو جماعة أو حركة تعارضهم أو تحاسبهم أو تقول لهم : لم وكيف ؟ فضلاً عن أن تقول: لا ومن تجرأ وقال :"لا" فمآله السجن أو النفي أو حبل المشنقة . والشعوب مشغولة بهم لقمة العيش وطلب الحرية والأمن فإن الأنظمة التي تحكمهم لم تطعمهم من جوع ولم تؤمنهم من خوف .


وأخيرا فللسيسي وقضاته وعسكره أقول:


قل للطغاة الحاكمين بأمـــرهم إمهال ربي ليس بالإهمــال
إن كان يومكمُ صحت أجـواؤه فمآلكم والله شر مـــــآل
سترون من غضب السموات العلا حتمـاً ويؤذن ظلمكم بزوال
وتزلزل الأرض التي دانت لكــم يوماً وما أعتاه من زلـزال !
البغي في الدنيا قصير عمـــره وإن احتمى بالجند والأمـوال
يا جند فرعون الذين تميـــزوا ببذيء أقوال وسوء فعــال
لا تحسبوا التعذيب يخمد جذوتي ما ازددت غير تمسك بحبالي


: الأوسمة



التالي
لماذا هذه الحملة العالمية على تركيا اليوم؟
السابق
مصر بين الإعدام والعدم

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع