البحث

التفاصيل

كتاب الحلال والحرام في الإسلام

 (الحلال والحرام في الإسلام) أول مؤلفات الإمام يوسف القرضاوي، وهو أول ما دخل به عالم التأليف، والذي تربو طبعاته على السبعين، وتنتشر ترجماته إلى الإنجليزية والفرنسية والباكستانية والتركية، والهندية، والبنغالية، والماليزية والإندونيسية، والنيجيرية، والسنغالية، والصينية، وغيرها من لغات العالم.


هو من أحب الكتب إليه، وأقربها إلى قلبه، وأكثرها انتشارا، تعددت طبعاته وترجماته، وذاع خبره ومحتواه، حتى لقد سمع به من لم يقرأه، وعرف أبوابه من لم يقتنه.


وهو من الكتب التي نالها طرفا النقيض: مدحا وقدحا، ثناء وذما. فقد احتفت به تيارات، وهاجمته أخرى، وانبرى للهجوم عليه أقوام، وتصدى للدفاع عنه آخرون.


وتعرض فضيلته لكثير من السهام: ردا وتعقيبا، وتهكما وتعنيفا، حتى درج بعض الذين لا يعرفون من الإسلام إلا مظاهره على تسمية كتابه بـ (الحلال والحلال)!


في إشارة لتساهل الشيخ في شأن التحليل، وإن شئت فقل: لامتناع الشيخ عن إطلاق طلقات التشديد، وراجمات التحريم!


أحب أن أؤكد أن كتاب الحلال والحرام في الأصل كان موجهاً للمسلمين في أوروبا وأميركا، وغيرها من بلدان العالم، ممن يعيش فيها أقليات مسلمة، وقد أدرك الشيخ الواقع الذي يكتب له، والمخاطبين الذين يتحدث إليهم، لذا يقول القرضاوي عن واقع المسلمين هناك: (المسلمون في أوروبا وأميركا لا يعرفون من الإسلام إلا أقل القليل، وهذا القليل لم يسلم من المسخ والتشويه. ومن وقت قريب كتب إلينا صديق أزهري مبعوث إلى ولاية من الولايات المتحدة يقول: إن معظم المسلمين في هذه الولاية يتكسبون من فتح البارات والتجارة في الخمور، ولا يشعرون أن ذلك من أكبر المحرمات في الإسلام).


وقد كتب سماحة الشيخ ابن باز رسالة رقيقة لفضيلته يطلب منه مراجعة ثماني مسائل من كتابه، حتى يفسح المجال بنشره في المملكة، وكان من رد فضيلة الشيخ القرضاوي بعد بيان سبب تأليف الكتاب، معرفته بفتن الواقع ومغرياته، وضعف الثبات ومعوقاته. فقال: (ثم إني بلوت من فتن هذا العصر ومغرياته ومعوقاته، التي جعلت جمهور الناس -خصوصا من يسمونهم المثقفين- يعرضون عن الدين: ما جعلني أتخذ منهجاً يقوم على التشديد في الأصول، والتيسير في الفروع، ولاسيما فيما عمت به البلوى).


وأكد فضيلته أنه راعى في هذا الكتاب جمهوراً مختلفاً، في بيئته، وثقافته، وسبل معيشته، وأسلوب تفكيره، عن طائفة متدينة بطبيعتها، متمسكة بالآداب الشرعية، تعيش في أجواء إيمانية، عندها من نوازع الخير وتأثير البيئة الإيمانية، ما يدفعها إلى الإيمان دفعاً، ويؤزها إلى الفضيلة أزاً، بعيدة عن تيارات العصر وعقده ومشكلاته، لذلك جاء هذا الكتاب ليعالج ظاهرة واقعية، إذ (رسخ في أذهان الكثيرين اليوم.. إن الإنسان لا يستطيع أن يكون عصرياً ومتديناً في الوقت نفسه، فإما أن يكون عصرياً متحللا، أو متديناً مختلفاً! وهذه فكرة شديدة الخطر على التدين، فمعناها أن الكثيرين سيعيشون عصرهم، مستغنين عن الدين، فلا بد من إثبات أن الدين لا يعوق الإنسان على الانطلاق العاقل الشريف، للاستمتاع بطيبات الحياة، والمشاركة فيها، في غير إثم ولا عدوان).


يقول الشيخ القرضاوي عن صعوبة التأليف في هذا المجال: وربما بدا موضوع (الحلال والحرام) سهلا لأول وهلة، ولكنه في الواقع صعب المرتقى، فلم يسبق لمؤلف في القديم أو الحديث أن جمع شتات هذا الموضوع في كتاب خاص، ولكن الدارس يجد أجزاءه موزعة في أبواب الفقه الإسلامي كلها، وبين ثنايا كتب التفسير والحديث النبوي. ثم إن موضوعا كهذا يضطر الكاتب إلى أن يحدد موقفه من أمور كثيرة، اختلف في حكمها علماؤنا القدامى، واضطربت فيها وفي تعليلها آراء المحدثين. وترجيح رأي على غيره -في مسائل الحلال والحرام- يحتاج إلى أناة وطول بحث ومراجعة، بعد أن يتجرد الباحث لله في طلب الحق، جهد الإنسان.


ويبين فضيلته مناهج من تصدوا للحديث عن الحلال والحرام، قائلا:


«هناك فريق خطف أبصارهم بريق المدنية الغربية، وراعهم هذا الصنم الكبير، فتعبدوا له، وقدموا إليه القرابين.


والفريق الثاني جمد على آراء معينة في مسائل الحلال والحرام، تبعا لنص أو عبارة في كتاب، وظن ذلك هو الإسلام، فلم يتزحزح عن رأيه قيد شعرة، ولم يحاول أن يمتحن أدلة مذهبه أو رأيه، ويوازنها بأدلة الآخرين ويستخلص الحق بعد الموازنة والتمحيص».


ثم يبين منهجه قائلا: «وقد حاولت ألا أكون واحدا من الفريقين».


فلم أرض لديني أن أتخذ الغرب معبوداً لي، بعد أن رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولا.


ولم أرض لعقلي أن أقلد مذهبا معيناً في كل القضايا والمسائل: أخطأ أو أصاب.


وغير لائق بعالم مسلم يملك وسائل الموازنة والترجيح، أن يكون أسير مذهب واحد، أو خاضعا لرأي فقيه معين. بل الواجب أن يكون أسير الحجة والدليل. فما صح دليله وقويت حجته، فهو أولى بالاتباع، وما ضعف سنده، ووهت حجته، فهو مرفوض مهما يكن من قال به.


ويؤكد فضيلته أن الحلال والحرام جزء من فلسفة التشريع الإسلامي القائم على جلب المصالح، ودرء المفاسد، فيقول: الحلال والحرام يدور في فلك التشريع الإسلامي العام، وهو تشريع قائم على أساس تحقيق الخير للبشر، ودفع الحرج والعنت عنهم، وإرادة اليسر بهم.


يقوم على درء المفسدة وجلب المصلحة، مصلحة الإنسان كله: جسمه، وروحه، وعقله، ومصلحة الجماعة كلها: أغنياء وفقراء، وحكاما ومحكومين، ورجالا ونساء، ومصلحة النوع الإنساني كله، بمختلف أجناسه وألوانه، وفي شتى أقطاره وبلدانه، وفي كل عصوره وأجياله.


: الأوسمة



التالي
ألهاني التكاثر!
السابق
الإرهاب.. مفهومه وأنواعه (1-3)

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع