البحث

التفاصيل

د. القره داغي: محاربة الفساد .. واجب على الأمة

الرابط المختصر :

شدد فضيلة د.علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، على أهمية محاربة الأمة للفساد ورأى أنه إذا وجد الفساد تهدم الحضارة، وتهدم القيم، فلا يكون هناك نمو ولا تنمية ولا استثمار حقيقي، وإنما مزيد من التخلف ومن الفقر والمجاعة والكثير من المشاكل. 

وقال خلال خطبة الجمعة أمس إن أنواع الفساد كلها في الأمة وهي تؤدي إلى ما أدت إليه من التخلف والفقر والجهل في الأمة الإسلامية، وتناول في خطبة الجمعة أمس في جامع عائشة بفريق كليب علاج القرآن لقضية الفساد وقدم رؤيته المعاصرة لهذه القضية، ووصل إلى أن الإعلام والفصل بين السلطات والتشريعات والتحصين الداخلي كل ذلك يحمي الأمة من الفساد الإداري. وأوضح أن الأمة الإسلامية عانت، منذ أكثر من قرنين من مجموعة مشكلات خطيرة، من أهمها الظلم والاستبداد، ولم تكن الأمة الإسلامية تعاني من فتنة الظلم والاستبداد فقط، بل عانت كذلك من مشكلة التخلف، ومشكلة الفقر، والبطالة ومشكلة الفساد الإداري والفساد المالي والفساد السياسي، وقد اجتمعت أنواع الفساد كلها مع الأسف الشديد في هذه الأمة، فأدت إلى ما حدث للأمة من التخلف والفقر والبطالة والجهل مع أن هذه الأمة الإسلامية ومنها العربية لديها كل الإمكانات المتاحة، لتكون أمة قوية قادرة غنية عالمة، تكون أكثر وأقوى من أي أمة على وجه الأرض، لأن لديها الإمكانات المالية والموارد البشرية والطاقات والمعادن، وكذلك التحكم في البحيرات والممرات، وكل هذه الأمور الأساسية التي خلقها الله سبحانه وتعالى في أرض هذه الأمة. 

وأوضح أن كل هذه الأمور، قادرة على أن تؤهل الأمة لتكون أقوى أمة على وجه الأرض، ولتبقى قوية كما كانت في القرون الثاني والثالث والرابع والخامس الهجري، وكانت الأمة المتحضرة الوحيدة التي لديها الصناعات ولديها العلوم ولديها الفنون، حتى استطاعت هذه الأمة أن تصنع الكثير من الأشياء، قامت على منهجها التجريبي، وعلى ما قدمته هذه الامة الحضارة الأوروبية، التي استطاعت أن تقيم ما تقيم وأن تصل إلى ما تصل كما تشاهدونه اليوم.

وقال القره داغي إن هذا التخلف في الجانب المادي والجانب الإنساني، وكذلك ما يحدث من فقر وبطالة، كان من أهم أسباب ذلك على الإطلاق، كما يقول المحللون وكما يقول خبراء الأمم المتحدة، إن أهم مشكلة وأهم عرقلة في تنمية الأمة العربية والإسلامية، هي مشكلة الفساد، وعلى سبيل المثال، فان فاتورة الغش التجاري في المنطقة العربية فقط تصل كما سجلته الحسابات، وما هو أخفى أكثر، إلى أكثر من 60 مليار دولار سنويا، وفاتورة الفساد السياسي والمالي أي الفساد المالي من قبل السياسيين، تصل هذه الفاتورة إلى أكثر من 60% من دخلها القومي، هذا يعني إذا كان لدى الأمة 100 مليون دولار، فإن 60 مليون دولار تصل وتدخل في جيوب هؤلاء الفاسدين وهؤلاء المفسدين، سواء كانوا وحدهم يأكلون، أو أنهم يتشاركون مع غيرهم من الغرب أو من الشرق، وهكذا لو أحصينا هذه الفواتير، لوجدنا أن ما يصل إلى جيوب المواطنين في معظم البلاد، ولا أتكلم عن كل البلاد، فهناك - ولله الحمد- بعض البلاد الإسلامية التي أكرمها الله سبحانه، بشيء من الرقابة والتدقيق، وإنما أتكلم عن معظم الدول العربية والإسلامية وليس كلامنا عاما لجميع الدول بالتأكيد، وإنما هو لمعظمها، ولذلك لو أحصينا هذه الفواتير، في ظل ما يقوله الخبراء، فإن نسبة ما يصل إلى جيب المواطن لا تزيد على 10 إلى 20 % سواء كانت مباشرة من خلال الرواتب، أو غير مباشرة، من خلال ما يسمى بالبنية التحتية التي تحتاج إليها الدولة. وهنا فلا يمكن للأمة أن تعيش بعشرة بالمئة، وبالإضافة إلى ذلك سوء أو عدم الاستغلال الأمثل لمواردنا، كلامنا الآن على الموارد الطبيعية، وليس كلامنا عن الموارد التي يمكن أن تستثمر الاستثمار الأمثل، وكم تألمت وفرحت في نفس الوقت، تألمت لأمتي، وفرحت لغيري، لأننا نحب الغير، عندما قرأت تقريرا عن خبراء الاقتصاد عن سنغافورة التي مساحتها أقل من البحرين وقطر ولديها من الدخل القومي الذي يصرف على الشعب 225 مليار دولار، وليس لديها قطرة بترول، أنا لا أتكلم عن اليابان ولا ألمانيا ولا الصين ولا أمريكا أبدا، وإنما أتكلم عن هذه الدولة الناشئة التي نشأت خلال فترة وجيزة من الثمانينيات والدخل القومي وصل 225 مليار دولار، وليس لديها قطرة واحدة من البترول ولا الغاز ولا معادن، وإنما الاستثمار الأمثل للعقول، وللإدارة، وللاستثمارات. وكذلك لا أتكلم عن هذا الجانب وإنما أتكلم عن الأموال الخالصة، التي وهبها الله لنا من خلال هذه الموارد، فإن هذه الأموال هي التي لا تصل إلى شعوبها في معظم البلاد العربية والإسلامية. 

زيادة الفقر 
وقال أهم سبب كما يقول خبراء الأمم المتحدة، وكما قالوا أنفقنا الكثير والكثير في افريقيا، لكنها ازدادت فقرا وازدادت الدول الفقيرة فقرا، وكانت نسبة الفقر في الستينيات 30 -40 % في عالمنا العربي والاسلامي 60%، وانه في كل ثانية يموت عدد من الاطفال، بسبب سوء الغذاء، وعدم وجود الحليب، وكذلك عدم وجود الرعاية الصحية، وكم من الاف من النساء الحوامل يمُتن ايضا، بسبب عدم توفير العمليات المناسبة لحالات الحمل، ناهيك عما يقتله الفقر، وعما يقتله المرض، وعما تفتك به الامراض من مئات الالاف بل الملايين في عالمنا الاسلامي، وكل ذلك يعود في معظمه الى ما يسمى بالفساد.

علاج القرآن
وقدم فضيلته العلاج بقوله: من هنا حينما نرى القرآن الكريم فقد عالج هذه القضية، وربما أنا شخصيا، لم أكن أفهم مدى عناية القرآن الكريم هذه العناية القصوى، والعناية الشديدة بقضية الاصلاح ومنع الفساد، سمّى الله سبحانه وتعالى الفساد، محاربة لله سبحانه وتعالى، وحربا على الله ورسوله، "يحاربون الله ورسوله" فلذلك ذكر القرآن الكريم، كلمة الفساد خمسين مرة، وفي منتهى الشدة في الوصف الدنيوي، وما له في الدنيا من خزي، وكذلك ما له في الاخرة من عذاب أليم. كما انه بالمقابل، مقارنة بالفساد، الاصلاح، ذكره الله سبحانه وتعالى، لأن لاصلاح مكمل للفساد، لا يكتفي في الامة أن تقضي على الفساد، وإنما يجب على الامة أن تقضي على الفساد، ثم تبني المجتمعات، وتبني المؤسسات على أساس الصلاح والاصلاح، ولذلك تكررت كلمة الصلاح والاصلاح في القرآن ثلاثة أضعاف، أكثر من مئة وخمسين مرة، اذاً حوالي مئتي مرة، أو مئتي آية، كلها تدور حول هذه القضية، لأن هذه القضية تبنى عليها الامة، تبنى عليها الحضارة، وإذا وجد الفساد تهدم الحضارة، وتهدم القيم، وحينئذ لا يمكن أن يكون هناك لا نمو ولا تنمية ولا استثمار حقيقي، وإنما يكون هناك مزيد من التخلف ومن الفقر والمجاعة ومن المشاكل.

عقاب الفساد
وأضاف: ومن ضمن هذه الآيات الكريمة التي يتحدث عنها القرآن الكريم بصيغة ناهية واضحة "ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها" هذا النهي مما بين الله سبحانه وتعالى خطورة الفساد بمعناه الشامل والذي يشمل كل اختلال وأي خلل واي ضرر يترتب على تصرف إنسان مسؤول ما تسميه الشريعة الإسلامية بالراعي "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" أي خلل واختلال في تصرف الراعي سواء كان خليفة المسلمين أو رئيس الدولة أو مسؤولا أو وزيرا أو مديرا أو مسؤولا عن فرع أو حتى امرأة أو رجل داخل البيت ففي عرف الاسمي يسمى الراعي والفاسد أو الاصلاح يشمل كل هذه المراحل فاذا كان هذا الفساد يسبب خللا أو ضررا يصيب الفرد أو الجماعة أو المجتمع وسواء كان هذا الضرر ماديا او معنويا وسواء كان هذا الفساد ماليا أو إداريا أو أي شيء فإن كل ما يطلق عليه الفساد أو الاختلال داخل في هذه الآيات الكريمة التي تحدثت عن خطورة الفساد واهمية الصلاح والاصلاح في هذا المجتمع ولذلك بين الله سبحانه وتعالى أشد العذاب لهم وهو ألد الخصام بأي شيء وصف الله سبحانه وتعالى هؤلاء، قال "واذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد". وبين الله سبحانه وتعالى في آية اخرى بأن الفساد يعود إلى الانسان وأن مصدر الفساد يعود إلى الانسان رغم أن الله سبحانه وتعالى سلم الارض الصالحة ومكن الانسان من هذه الارض وهو قادر على تنميتها واستثمارها والاستفادة منها ولكنه حينما يفسد فيها تتحول الامور وتنعكس الامور فيقول رب العالمين "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون" فبين الله سبحانه وتعالى في هذه الاية الكريمة بان الفساد حينما يعم في الارض وعلى الارض وفي الانسان والحيوان والبيئة حينئذ رب العالمين أرسل اليهم من العقوبات في هذه الدنيا ليذيقهم بعض الذي عملوا وهذا من رحمة الله وليذيقهم بعض عملوا والا لو أذاقهم ما يستحقون فانه ما بقي من الارض شيء ولكن الله برحمته يعطيهم بعض العقوبات حتى يرجعوا إلى هذا الدين ويرجعوا إلى الصلاح وما يصلح دينهم والى ما يصلح دنياهم وأمورهم الدنيوية والأخروية.

الفساد الإداري 
ورأى أن الفساد الإداري كما يقال من اشد انواع الفساد وهو يشمل ثلاثة انواع من الفساد الاداري، من أهمها الرشوة التي لعن الله سبحانه وتعالى فاعلها، كما بين الرسول صلى الله عليه وسلم "لعن الله الراشي والمرتشي والرائش" الراشي الذي يدفع الرشوة والمرتشي هو الذي يقبل والرائش هو الذي يتوسط ولو بكلمة واحدة فالوسيط او السمسار او المسوق فهو ملعون كذلك كما الراشي والمرتشي بل ان الله سبحانه وتعالى سمى الرشوة سحتا بنص القرآن الكريم كما قال المفسرون "واكلهم السحت" "أكالون للسحت" فاتفق معظم المفسرين على ان المقصود بالسحت هنا قمة السحت المتمثلة بالرشوة لان هؤلاء الاحبار كانوا يأخذون الرشوة بل ان الله سبحانه وتعالى بين في اية اخرى ولذك ان تحريم الرشوة ليس بالأحاديث النبوية فقط وانما بالكتاب في آيات كثيرة ولاسيما هذا الاية الكريمة التي نقرؤها على مسامعكم "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من اموال الناس" فهذه الآية واضحة كما يقول علماء التفسير من السلف والخلف على أن أكل أموال الناس بالباطل في قمة هذا النوع يكون الرشوة بكل ما تعني هذه الكلمة والرشوة أيها الأخوة الأحبة بأي سبب من الأسباب سواء كانت تعطى للقاضي ليحكم أو تعطى للسلطان بغير ما هو يقتضي العدل وبغير ما تقضي به القوانين او انك تريد ان تخترق القوانين هناك قوانين على سبيل المثال في المقاولات لا بد أن يكون هناك عطاءات فان كنت تعطي وان كنت الافضل والاحسن لتخترق هذه القوانين ايضا تدخل في عالم الرشوة فالرشوة تشمل كل خلل او اختلال في توصيل الحقوق للاخرين. علاج إسلامي وقال فضيلته أنه لذلك فقد عالج الاسلام هذه القضية بشمولية وحرمها تحريما مطلقا حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما أرسل شخصا اسمه ابن تيمية، أرسله لجمع الصدقات فلما رجع أدخل من الابل والبقر والانعام في حظيرة الصدقة وأخذ بعضها لنفسه فوصل الأمر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فغضب غضبا شديدا وصعد المنبر ونادى بالناس فجمعهم ولم ينتظر إلى الجمعة بل فورا قال "أعلم لو جلس في بيت أبيه" وفي بعض الروايات "في بيت أمه" "أيهدى له" فلذلك قال علماؤنا هدايا المسؤولين غلول وهدايا المسؤولين رشوة كما قال عمر بن عبد العزيز. والرسول صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية هذا أمر آخر، أما قبول الهدية من الحاكم أو من أي شخص له المسؤولية على الآخر مثل المدرس على تلامذته أو المدير على موظفيه، كل شيء من التحت إلى الفوق ما دام هناك مسؤولية لا يجوز أن تتم من باب سد الذريعة ومن باب درء هذا الفساد الذي بينه الله سبحانه وتعالى. تعسف في استعمال الحقوق قال: هناك نوع اخر من الفساد الاداري يسمى تعسفا في استعمال الحق اي ان الشخص وهو اداري لا يستعمل الحق في مكانه وانما يتعسف فيه بحيث يظلم في الحقوق لاي سبب من الاسباب فما دام هناك سبب يقدم هذا ويؤخر هذا او يمنع الحقوق او الترقية فلا يعطي الا اذا كان هناك الواسطة وقد ادخل العلماء الواسطة السيئة، الشفاعة السيئة ايضا في الرشوة "فمن يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له نصيب منها". فإذاً الفساد الاداري قد يكون بأخذ المال وقد يكون بالتعسف في استعمال الحق وقد يكون باختراق القوانين واللوائح، كل ذلك يدخل ضمن الفساد الاداري ويترتب -أيها الإخوة الأحبة- على الفساد الإداري مشاكل كبيرة من اهمها الظلم والتخلف ومن اهمها كذلك ان الناس لا تثق بهذه الدولة ولا تريد ان تستثمر فيها، حينما يرى ان الدولة قائمة على الرشاوى وعلى "البقشيش" فحينئذ هذه ايضا من موانع التنمية ومن موانع جلب استثمار الاموال فلذلك مخاطر ومن الآثار السيئة للرشوة أو ما يسمى بالفساد الإداري كبيرة جدا.كيف الحل؟وقدم رؤيته في الحل بقوله: هناك حلول داخلية تتمثل في التحصين، تتمثل في التربية، تتمثل في تربيتنا من الصغر، اولادنا واهلنا على الخوف من الله سبحانه وتعالى كما في قصة يوسف حينما تعرض لهذه الشهوة فقال معاذ الله وكذلك قضية المال حينما يحصن الانسان بالايمان وبالخوف من الله مثل البنت حينما ارادت امها ان تزيد اللبن من خلال الغش قالت "اذا كان عمر يغفل فرب عمر لا يغفل عن ذلك".بعد ذلك يكون من خلال التشريعات، في الغرب يفتقدون التحصين الداخلي ولكن لديهم القوانين لديهم الفصل بين السلطات فحينما يكون الشخص، المدير مسؤولا عن جانب اداري وشخص آخر مسؤول عن الجانب المالي والثالث عن الرقابي يكون من الصعب جدا على المدير او على الرئيس ان يتخذ هذا او ذاك القرار ولكن حينما تجمع الصلاحيات في يد شخص واحد فيسهل، والدكتاتوريات تتحقق من خلال جمع السلطات، السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية. وكذلك بالإضافة الى هذا الفصل وجود تشريعات رادعة وقد بين الله سبحانه وتعالى جزاء الفاسدين جزاء شديدا بحيث يصل بهم الى القتل وغير ذلك من العقوبات.واكد: علينا اذا اردنا ان نقضي على الفساد وخاصة الفساد الاداري علينا بهذه الامور الثلاثة التحصين والفصل بين السلطات والتشريعات الرادعة بالاضافة الى دور الاعلام وان يكون الاعلام حرا ويكون قادرا على فضح هؤلاء المفسدين فمعظم الفضائح التي تكشف، يكشفها الاعلام فقضية ويكيليكس ليست غريبة عليكم في فضح هؤلاء المفسدين. فالاعلام والفصل بين السلطات والتشريعات والتحصين الداخلي هي ما يحمي الامة من الفساد الاداري.دور الأمةفي خطبته الثانية قال فضيلته: ما حدث لهذه الامة خلال اكثر من مئة سنة وبخاصة العقود الاخيرة مما حدث لهذه الامة من فقر ومرض وجهل وتخلف ومن ان هذه الامة صبرت على الظلم ولكنها مع انها صبرت على الظلم لم تطالب بالجانب المادي والرفاهي باي شيء وقد اجتمعت في بعض الدول معظم هذه المصائب، مصيبة الظلم والاستبداد والدكتاتورية ومصيبة الفقر والجهل والتخلف والرشوة والفساد وهنا كما يقال بلغ السيل الزبى ولم يكن امام هذه الشعوب بعدما يئست من الصلاح من هؤلاء الحكام الا ان تثور وتضحي بكل شيء في سبيل تحقيق حقها من هذه الخيرات التي تراها امام اعينها ولكن لا تصل الى جيوبها ولكن تصل الى جيوب فئة محددة من المسؤولين من المفسدين في هذه الدول التي صارت فيها هذه الثورات كما شاهدتم في تونس، لقد وصل الامر بهذا الرجل ان ينتحر وقد رأيت حديثا رواه الامام مسلم في صحيحه مما يجيز لنا الدعاء له رواه الامام مسلم بسنده "أن الطفيل بن عمرو الدوسي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! هل لك في حصن حصين ومنعة؟ فقال: حصنا كان لدوس، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فهاجر إليه الطفيل بن عمرو، وهاجر معه قوم، فاجتووا المدينة، فمرض رجل فخرج فأخذ مشقصا له فقطع براجمه، فتنخبت يداه حتى مات، فرأه الطفيل بن عمرو في منامه في هيئة حسنة، ورآه مغطيا يده، فقال له: ما صنع بك ربك؟ قال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه، قال: فما لي أراك مغطيا يدك؟ قال: قيل لي: لن نصلح منك ما أفسدته، فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اللهم – أحسبه قال – وليديه فاغفر". 

غفر الله للبوعزيزي 

وقدم رؤيته للبوعزيزي قائلا: فاذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم دعا لهذا الرجل فنحن ايضا ندعو لهذا الرجل الذي فجر هذه الانتفاضات في تونس لا اعتقد انه كان انتحر لذا نسأل الله ان يغفر له. فمن هنا الامة تثور كما في سوريا الان وفي اليمن وفي ليبيا هؤلاء الذين بصدورهم العارية يضحون ليسوا مجانين بل ثائرون وانما هم مجاهدون انما هم مثلهم مثل ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "سيد الشهداء حمزة ورجل قام الى سلطان جائر فكلمه وأمره فنهاه فقتله" يثور ليوصل رسالة الإصلاح والحرية. 


: الأوسمة



التالي
من أعلام الفكر المعاصر الأستاذ الدكتور/ محمود فهمى حجازي وأثره في اللغة والأدب
السابق
مات الحجاج

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع