البحث

التفاصيل

فتاوى وأحكام أفتى بها العلّامة الشيخ عبد الله بن بيه

الرابط المختصر :

دعوة الزملاء غير المسلمين 

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: أنا موظف في شركة كبيرة، ولدي معرفة بكثير من الأشخاص، ومن ديانات وطوائف مختلفة (شيعة، نصارى...)، وتربطني معهم علاقة عمل محترمة وجيدة، وأنا مقبل على الزواج،

وسؤالي ما حكم دعوتي لهم لحفل الزواج؟ وهل فيه موالاة لهم؟ وأريد مخرجاً لهذه المشكلة المحرجة بما يتوافق مع الشريعة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد...

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بالنسبة لوليمة الزواج، هل يجوز له أن يدعو من يعتبرهم زائغين عن الحق، أو من ليسوا على دين الإسلام؟ الأمر واسع – إن شاء الله- إذا وجدت حاجة وضرورة تدعو إلى دعوة هؤلاء لمثل عدم القطيعة، وعدم البغضاء والتباغض، وجلب المحبة التي من شأنها أن تصلح الحال، وأن تقوم الأمور، والدليل على ذلك ما ذكره ابن هشام وابن سعد وغيرهما من علماء السيرة أن النبي –صلى الله عليه وسلم- في عمرة القضية لما انتهت ثلاثة الأيام التي أقام بها في مكة حسب الاتفاق مع قريش أتاه رجال من قريش يستعجلونه في السفر عنهم، ويطلبون منه أن يخرج حسب الاتفاق، (ابن عامر، وابن عبدالعزى)

فلما جاءوا إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- قال لهم: "وما عليكم لو تركتموني فأعرست بين أظهركم فصنعت لكم طعاماً فحضرتموه" رواه الحاكم في المستدرك (6796) من حديث ابن عباس –رضي الله عنهما-،

وهذا يعتبر دعوة من النبي –صلى الله عليه وسلم- لمشركي قريش للوليمة التي كان يعدها لميمونة – رضي الله عنها-، فهذا أصل إذا وجدت مصلحة ووجدت حاجة أن يتعامل الإنسان مع غير المسلمين تعامله مع المسلمين، أو مع جهات إسلامية قد يكون له رأيه فيها أو موقفه منها. فأقول: إن الأمر واسع – إن شاء الله- والمستند ما ذكرناه، وهو الرواية الثالثة عن أحمد بجواز التهنئة والتعزية للكفار، وجواز العيادة؛ لأن الإمام أحمد روى روى عنه ثلاث روايات ذكرها في الإنصاف،

والرواية الثالثة هي التي اختارها تقي الدين ابن تيمية للمصلحة، وهي التعزية والتهنئة وعيادة المرضى للمصلحة، فالمصلحة إذا قامت فمن شأن ذلك أن يسهل هذه الأمور ويجيز له ويبيح له أن يدعو هؤلاء إلى وليمة النكاح بلا حرج – إن شاء الله-. والله أعلم.
 
 

الاشتراك في الأرض والعمارة 

السؤال

قبل خمس وعشرين سنة اتفق أخوان على شراء أرض لبناء شقق سكنية مناصفة، تم شراء الأرض بمبلغ 1000دينار (500 لكل منهما) دون تحديد الجزء الخاص بكل منهما، وجاء وقت البناء فقال أحدهما لا أملك المال للبناء، فطلب من أخيه البناء على أن يتحاسبا في نهايته، فبنى عشر شقق (خمس في كل جزء)، وبعد الانتهاء من البناء كان الأول يملك ثمن شقتين فقط، فتم تسجيلهما باسمه، كما تم تسجيل ثماني شقق باسم أخيه وبالتراضي.

سكن كل منهما في شقة، وتم تأجير الشقق الأخرى. الآن وبعد مرور خمس وعشرين سنة يطلب الأخ صاحب الشقتين من أخيه تعويضًا لاستغلاله الأرض والانتفاع من تأجير الشقق، لكن أخاه يرفض دفع أي مبلغ بحجة أن هذا يعتبر زيادة في رأس المال، ولكل منهما على قدر رأس ماله ما الحل؟ وفي حالة أن اتفقا على بيع العقار بالكامل فما حصة كل منهما؟

علما أن سطح المبنى قابل للبناء..


الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد...

هذا السؤال يدل على أن الأرض مملوكة مناصفة بين الأخوين، وأن البناء الذي عليها كان من قبل أحدهما، إلا أن أخاه في النهاية كان يملك ثمن شقتين، ولم يبين السائل كيف تسلم هذا الثمن، هل تسلمه من أخيه أو أنه أتى بثمن ودفعه إلى أخيه الذي بنى، هناك شيء مجهول في هذا، بأي شيء دفع هذا الثمن؟ وهل أخذ الشقتين في مقابل التنازل عن ملكية الأرض، ففي هذه الحال ليس له رجوع على أخيه، وإذا كان أخوه قد دفع ثمن الشقتين فملكية الأرض ما زالت بينهما، والشقق الأخرى على ما اتفقا عليه، فإذا كانا قد اتفقا على أنه يبني، وأن ما بني يكون مناصفة بينهما فهو كذلك، لكن له ماله، أي له ما دفعه في هذه البناية، فالحقيقة أن السؤال فيه غموض في بعض أجزائه، حيث لم يبين بقاءهما على الاتفاق، لأن السؤال في أوله يدل على أنهما اتفقا على أن البناء بينهما، لكن الواقع أن أحد الأخوين هو الذي بنى... الخ.

أما إذا بيع العقار فحصة كل منهما على حسب ما اتفقا عليه أولا، فإذا كانا قد اتفقا على أن الأرض بينهما فالأرض بينهما والبناء لمالكه.
 
 

العمل في الاستخبارات السرية لدى الكفار 

السؤال

ما حكم عمل المسلم في قسم المباحث السرية لدى الكفار الذين يتعقبون المسلمين، وهو يدعي أن هدفه من عمله مساعدة الإسلام؟

أرجو تزويدنا بأدلة تتعلق بحكم مثل ذلك من علماء السلف والحاضر، وكيف نتصرف مع مثل هذا الشخص لإرشاده إلى الطريق الصحيح؟


الجواب

لا يمكن إباحة هذا العمل، والحقيقة أن الإنسان إذا عمل في هذه المباحث فإنه بطبيعة الحال سيضر إخوانه، وأنه إنما يعمل بها لقاء أجر، فهو يأخذ هذه الأجرة ليقوم بعمل، فهو إما أن يضر الآخرين، وإما أن يعتبره الآخرون خائناً، وفي كلتا الحالتين يعرض نفسه إما لخطر الدنيا، أو لخطر الآخرة، فنحن لا ننصح أحداً بالدخول في هذه الوظائف مع أعداء الإسلام من الكفار، أو مع غيرهم، ونطلب من المسلم أن يحاول أن يكون مستقيماً وألا يخون من ائتمنه، سواء كان مسلماً، أو غير مسلم، لكن في نفس الوقت لا يعرض نفسه لهذه الأعمال التي قد تضر به، وتضر غيره عن غفلة، أو غيرها، فالحزم أن يبتعد الإنسان عن هذه الأمور كما قال الشاعر:

إن السلامة من سلمى وجارتها*** ألا تمر بواد حول واديها فالسلامة

من هذا الأمر هو الابتعاد، وأن يكون الإنسان سليماً وسالكاً مع المسلمين، وغير المسلمين، وألا يتعرض للوظيفة التي يؤذي بها الناس، ويؤذي نفسه، فهذا من الخطر الكبير، لا نستطيع أبداً أن نفتيه بالجواز،بل إن المنع هو الظاهر، ولا نكفره إذا دخل في ذلك لكن نقول: إنه ارتكب عملاً كبيراً جداً عملاً منكراً كبيراً. والله أعلم
 
 

الأكل في مطعم يبيع الخمر 

السؤال

دُعيتُ إلى مطعم للأكل، والمشكلة أن المطعم يقدم المشروبات الكحولية.

فهل يجوز أن يذهب المسلمون إلى تلك المطاعم للأكل؟.


الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد...
 الأصل أن المسلم لا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر، كما ورد في الحديث الصحيح النهي عن ذلك، انظر مسند أحمد (14124)، وجامع الترمذي (2801).

لكن إذا كانت فيه فهذا من محرمات الوسائل التي يقول عنها العلامة ابن القيم إنها تجيزها الحاجة، يقول: إن محرمات الوسائل ليست كمحرمات المقاصد؛ فمحرمات الوسائل تجيزها الحاجة، ومحرمات المقاصد لا تجيزها إلا الضرورة.

فهذا من هذا النوع ولهذا عبر بعض العلماء عن محرمات الوسائل بأنها من باب المكروهات.

فإذا كان يحتاج إلى أن يجلس في مثل هذا المطعم فلا يجلس على المائدة التي يدار عليها الخمر، وإذا جلس عليها لا يجلس بأبنائه الصغار الذين قد يتأثرون من ذلك المشهد، فإذا هو احتاج وكان لا يجد مكاناً ليأخذ فيه وجبة طعامه إلا في هذه الأمكنة فالأمر يدور على المشقة وعلى الحاجة، مع أن النهي وارد، وقد يحمل على الكراهة ويحمل على التحريم لكنه من باب تحريم الحاجات، ومن باب تحريم الوسائل والضرائر، وما كان كذلك فإنه يرتفع بالحاجة، كما يقول العلامة ابن القيم –رحمه الله-.
 
 

التبرع لجمعيات غير إسلامية 

السؤال

فضيلة الشيخ: نحن طلبة مبتعثون إلى إحدى الدول الغربية، وقائمون على جمعية إسلامية في الجامعة التي ندرس بها، ويتوفر لدى عدد من المسلمين الموجودين في المدينة (عددهم محدود) ملابس وحاجيات مختلفة للتبرع.

ولا يوجد في مدينتنا من هو مستحق لها من المسلمين، وقد اتصلنا بعدد من الجمعيات الإسلامية في المدن الأخرى، ولم يتمكنوا من الحضور إلينا، وأيضًا من تجربة سابقة فإن إرسال هذه الملابس والحاجيات إلى المدن التي فيها تجمعات إسلامية مكلف جدًّا، ولاتوفي بقيمتها المادية، والإخوة هنا يسألون فضيلتكم: هل يجوز التبرع بها للجمعيات غير الإسلامية، وبالأخص جمعية مرض السرطان بالمدينة؟

وذلك لتعذر توصيلها لمن هو يستحقها من المسلمين. أفتونا مأجورين.


الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد...
يجوز أن تدفع هذه الأشياء إلى من يحتاجها من غير المسلمين؛ فقد جاء في الحديث: "في كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ". أخرجه البخاري (2466) ومسلم (2244).

والأجر في كل مخلوقات الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًاوَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)(الإنسان:8).

ومعلوم أن الأسير في هذه الآية هو الأسير غير المسلم، ومع ذلك فالله سبحانه وتعالى امتدح هؤلاء بأنهم يطعمون الأسير، حتى وإن كان غير مسلم، وقد قال أبو حنيفة –رحمه الله تعالى: (إن الزكاة تجوز على غير المسلمين).

طبعًا في عهد المسلمين وذمتهم، فالصدقة على غير المسلمين من المحتاجين والمرضى هي صدقة مقبولة – إن شاء الله سبحانه وتعالى- ولا مانع منها، وجاء في الحديث الصحيح أن أسماء، رضي الله عنها، قد جاءتها أمها - والكلام هنا عن أسماء بنت أبي بكر، رضي الله عنهما- قدمت عليها أمها، وكانت مشركة، فقالت أسماء، رضي الله عنها، للنبي صلى الله عليه وسلم: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وهي راغِبةٌ، أَفَأَصِلُهَا؟ قال صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ". أخرجه البخاري (2620) ومسلم (1003).

فأمرها بصلتها مع أنها كافرة، فالكفر ليس مانعًا من الصدقة على الناس المحتاجين والمرضى، فإذا كان الأمر على ما ذكر السائل من أنهم لا يستطيعون إيصالها، ولا يستطيعون بيعها لإيصال مالها إلى المحتاجين المستحقين، فإنهم يعطونها إلى هذه الجمعيات، وذلك أمر حسن مرغوب فيه، وأيضًا من شأنه أن يصلح العلاقة بين المسلمين وغيرهم، وأن يظهر للناس سماحة الإسلام وفضله، وأن المسلمين يواسون كل المحتاجين، حتى ولو كانوا غير مسلمين. والله أعلم.
 
 

إذا ذكر عَلى الذبيحة اسماً مَعَ اسمِ اللهِ. 

السؤال

هَل المُذَكِّي، إذا ذكَر عَلى البَهِيمَة اسماً مَعَ اسمِ اللهِ، تُؤكَلُ ذَكاتُه؟ مَثَلاً، إذا قالَ: بِسمِ اللهِ، بِسمِ الرَسُولِ.


الجواب

الجَوابُ عَلى هَذا أَنَّهُ لا يَنبَغِي ولا يَجُوزُ أَن يَذكُر غَير اسمَ اللهِ سُبحانَهُ وتَعالى عِندَ ذَكاتِهِ.

ولَكِن؛ هَل ذَكاتُهُ صَحِيحَةٌ أو باطِلَةٌ؟، إذا كانَ هَذا اللَفظُ لا يُرِيدُ بِهِ إشراكاً بِاللهِ سُبحانَهُ وتَعالى بَل كانَ فَقَط مِن نَوعِ التّبَرُّكِ فَيَنبَغِي أَن تَكُونَ ذَبِيحَتهُ مُباحَةً.

لَكن؛ يَنبَغِي عَلَينا أَن نَنصَحَهُ أَن نَقُولَ إنَّ هَذا المَحَلَّ لا يُضافُ فِيهِ شَيءٌ لاسمِ اللهِ سُبحانَهُ وتَعالى فَاللهُ سُبحانَهُ وتَعالى يَقُولُ (ولا تَأكُلوا مِما لَم يُذكَرِ اسمُ اللهُ عَلَيهِ) ولَكِن إذا لَم يُرِد إشراكاً فَإنَّنا لا نَتَجاوَزُ إلى حَدِّ اعتِبارِ أنَّ ذَبِيحَتَهُ غَيرَ مُباحَةٍ واللهُ أعلَمُ.
 
 

إن مسائل التهاني لغير المسلمين، اختلف فيها الناس 

السؤال

هل يجوز تهنئة النصارى بأعيادهم ومناسباتهم وتعزيتهم في أحزانهم ؟
 
الجواب

إن مسائل التهاني لغير المسلمين، اختلف فيها الناس، وهناك من يرى جوازها، وأيدها الشيخ ابن تيمية في رسائله، وهي للمصلحة، وعلى هذا الأساس تكون التهنئة للمسيحيين جائزة، وهي من المسائل المختلف حولها، التي ينبغي ألا تثير التباغض والتدابر بين الناس.

ورأى ابن بيه أن المصلحة تكمن الآن في التحالف مع الذين يحكمون قيم الوئام والسلام وترك الخصومة، فالمطلوب الآن إنقاذ البشرية من ويلات الحروب.

وتابع العلامة ابن بيه: يقدر بعض الناس مصلحة قد لا يقدرها الآخر، فبعضهم لا يرى ما يمنع التهنئة بناء على انعدام الأدلة، وينادي باتساع الصدور، ومشكلتنا في العالم الإسلامي عدم اتساع الصدور للمسائل الخلافية.

 نحن ننصح أن يتعلم الناس الاختلاف وأسباب الاختلاف، وهناك أسباب كثيرة منها ثبوت النص ومعقول النص ودلالة النص.

واستدل الدكتورابن بيه في دفوعاته بتزكية الرسول صلى الله عليه وسلم لحلف الفضول، وهو حلف عقد في الجاهلية قال عنه الرسول (لقد شهدت في دارعبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت به في الإسلام لأجبت. تحالفوا أن ترد الفضول على أهلها، وألا يعز ظالم مظلوما).

كما أن أغلب المفسرين فسروا آية {وتعاونوا على البر والتقوى} بأنها ليست مقتصرة على المسلمين فقط، متكئين على ما قبلها {لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى}، وعلينا كمسلمين أن نستوعب هذه المعاني، دون أن نقدم أي تنازل عن ديننا. ولا يعتبر ابن بيه من أقدم على تهنئة المسيحيين متنازلا عن دينه. 


: الأوسمة



التالي
فتاوى وأحكام للشيخ الدكتور القره داغي
السابق
فتاوى معاصرة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع