البحث

التفاصيل

ثُلة من علماء الشريعة في فلسطين يصدرون بياناً بخصوص ما يُسمى "قانون حماية الأسرة"

الرابط المختصر :

ثُلة من علماء الشريعة في فلسطين يصدرون بياناً بخصوص ما يُسمى "قانون حماية الأسرة"

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعدُ،

انطلاقاً من مسؤوليتنا الدينية والمجتمعية والعلمية التي أخذها الله علينا في الكتاب "لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ"، (آل عمران، 187)، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم في النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، نُصدر -نحن علماءَ الشريعة في أرض فلسطين المباركة- هذا البيان المهم في توضيح الموقف الشرعي مما يُسمى بقانون "حماية الأسرة من العنف"، والذي طلعت على شعبنا بمسودته في الآونة الأخيرة فئةٌ تُزمعُ إقراره بقانون، مع ما في هذا القانون من مخالفات واضحة ونصوص مصادمة لأحكام شريعتنا وقيَمِ مجتمعنا، ومناقضة لما تقتضيه العقول السليمة والفِطَرُ المستقيمة، وبما يُفضي لتدمير الأسرة الفلسطينية وإضعافها، وهو ما نوضحه في الآتي:

 

أولاً: قضاء القانون المذكور على أساس العلاقات الأسرية بين الوالدين وأبنائهما والزوج وزوجته، المتمثل في المودة والرحمة والإصلاح، ليقيمها على أساس صراعي خارجي تسلطي، بما يعنيه ذلك من فتح الباب لشكوى الابن على أبيه، والبنت على أمها، والزوجين على بعضيهما، في ظل مرونة تامة وفضفاضة في صياغة مواد القانون، وفي تعريف التعنيف الأسري والاقتصادي والنفسي، بما يَطول كل أشكال العلاقة وطرق التعامل، ويُخضعها للمحاكمات الخارجية والعلنية، ومع ما يستدعيه ذلك من رد فعلٍ مقابلٍ، سييُفكّكُ الأسُرَ، ويقضي على كل أسس المودة والرحمة والمعاشرة بالمعروف والتسامح والاحترام المتبادل.

 

ثانياً: انتهاك الخصوصية الأسرية والعلاقات الخاصة بين الزوج وزوجته، والأب وأبنائه، ونقلها من النطاق الخاص إلى النطاق العام. وشَرعنة التدخل في تلك الشؤون بإعطاء الحق لكل أحدٍ في المجتمع بالشكوى لدى الدوائر المختصة والاعتراض على طبيعة العلاقة الأسرية أو الزوجية لغيره، مع ما يستتبعه ذلك من نتائج مدمرة.

 

ثالثاً: تعزيز القِيَمِ الفردية والشخصية المتحررة من كل القيود الدينية والمجتمعية، في مواجهة القيم الأسرية الإسلامية والمجتمعية، والتحلل من كل الالتزامات الأسرية والزوجية والأبويّة، التي قررها الدين أو المجتمع، مع توعّد كل من يحدُّ من هذه الحرية، أو يُعارضها ولو بالكلام، أباً كانَ أم أمّاً أم زوجاً أم أخاً أم غير ذلك، وعدُّ تلك المعارضة جريمةً تستوجبُ الملاحقة والحبسَ والمعاقبةَ والتعنيف والعزل الأسري.

 

رابعاً: القضاء على أي سلطة تأديبية أو اعتبارية أو دينية للوالدَين على أولادهما، أو للزوج على زوجته وأسرته، ولو كانت هذه السلطة بالكلام، الذي عدّهُ القانون تعنيفاً يستوجبُ العقوبة بالحبس والتغريم والعزل الأسري، مع ما يتضمنه إضعاف هذه السلطة أو إعدامها وما يؤدي إليه من تدمير حقيقي للأسرة وسعي في خرابها، وهي الحصنُ الأخير في مجتمعنا.

 

خامساً: مناداة القانون بإلغاء الفروق الوظيفية بين الجنسين، والدعوة للمساواة التامة بينهما في ذلك، وعدّ كل من يُخالف ذلك مرتكباً لجريمة التعنيف الأسري، المستوجبة للعقوبة والحبس والعزل. وفي ذلك مصادمة واضحة وصارخة لشرعنا وأحكام ديننا، الذي وإن كان قرر أصل المساواة بين الجنسين في الإنسانية وفي معظم التكاليف الدينية، إلا أنه مايز بينهما في بعض الجوانب ممايزةً وظيفية تهدفُ إلى التكامل بينهما في الدور والوظيفة.

 

سادساً: مطالبة القانون المذكور بإلغاء كل ما يتعارض معه في القوانين الأخرى، بما يشمل قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات، وفي ذلك إلغاء لأحكام شرعية قطعية ومحادة لله ولرسوله، وتحريم لما أحل الله، وإحلال لما حرّم، ومن مما يتضمنه ذلك إلغاء أحكام الولاية في الزواج، وإلغاء الأحكام الخاصة بالمرأة والأحكام الخاصة بالرجل، في الحقوق الزوجية والأسرية المتقابلة، وفي أحكام القوامة والنفقة والطلاق والعدة وغيرها، كما يتضمنُ ذلك إلغاء الأحكام الشرعية المتعلقة بتجريم الزنى والعلاقات الجنسية خارج العلاقة الزوجية.

 

سابعاً: دعوة القانون المذكور وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي لتعديل المناهج الدراسية، وتجييش الإعلام والمؤسسات الرسمية والجمعيات النسوية والأطر المختلفة، وعلى كل الصُّعُدٍ، بما يهدف لتكريس ما تضمنه هذا القانون المدمر من قِيَمٍ منحرفةٍ مدمرة للأسرة.

 

إننا –علماء الشريعة في أرض فلسطين المباركة- نٌعلنُ للناس ولأصحاب القرار رفضنا التام والمطلق والقاطع لهذا القانون المقترح جملة وتفصيلاً، لمخالفته الواضحة والكبيرة والخطيرة لتعاليم ديننا الحنيف، ولأحكام شرعنا الحكيم، ولتقاليد مجتمعنا السليمة والمستقرة، ولمعارضته للعقول السليمة، ومناقضته للفِطَرِ المستقيمة، محذّرين من تبنيه أشد التحذير، مناشدين شعبنا وسلطتنا وعشائرنا وعوائلنا وفصائلنا الوطنية وأطرنا المجتمعية والوطنية الأصيلة، وكل الغيورين على ديننا وقِيَمنَا ووطننا برفض هذا القانون المدمر للأسرة، ونبذه ورده، والعمل بكل طرق الاحتجاج السلمي والقانوني والديني والوطني على منع إقراره.

 

مبدين استعدادنا الكامل للتعاون في معالجة مشكلة التعنيف الأسري، بالاستناد إلى ديننا وأحكامه وقيمنا الراسخة وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة، وبالتشاور مع كل الأطر الفاعلة والمهتمة، لوضع إطار شرعي قانوني للتعامل مع بعض حالات التعنيف الأسري التي قد تظهر هنا أو هناك في مجتمعنا، دون تجاوز لأحكام ديننا وقيمَنا، ففي شرعِنا وقرآننا وقِيَمنا وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة السليمة ما يُغني عما في هذا القانون المدمر المستورد من نفعٍ إن تُصوّرَ وُجوده، وما يتلافى ما فيه من عوامل تدمير للفرد والأسرة والقِيَم، وقد قال تعالى: "إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ"، (سورة النور، الآية51). والحمد لله رب العالمين،

علماء الشريعة وأساتذتها وقضاتها في أرض فلسطين المباركة

فلسطين، 14/شوال/1441ه، الموافق 6/حزيران/2020م

 

السادة العلماء الموقعون على البيان

القاضي أ.د ماهر خضير

أ.د. حسين الترتوري أ.د. اسماعيل شندي   أ.د. ماهر الحولي

أ.د. عودة عبد الله أ.د. عماد البرغوثي   أ.د. محمد الشريدة

الشيخ مهند أبو رومي د. إيمان متعب    د. أيمن الدباغ

د. تمام الشاعر د. سليم الرجوب         د. أسيد فطاير

د. عبد الله أبو وهدان د. خالد علوان   د. رائد فتحي جبارين

د. حذيفة بدير د. خير الدين طالب     د. عروة صبري

د. أحمد عبدالجواد د. مصطفى شاور   د. أنس المصري

د. جمال عبد الجليل د. صايل أمارة    د. سعيد دويكات

د. موسى البسيط  د. نادر سلهب       د. محمد عياش

د. يوسف عواودة د. كامل رباع       د. محمد عساف

د. حمزة سليم د. عصام أبوسنينة      د. حمزة ذيب مصطفى

د. محمود ارشيد د. منتصر الأسمر    د. ناصر دودين

الشيخ جعفر هاشم   الأستاذ فايز أبو سرحان     الأستاذ عمار مناع

 


: الأوسمة



التالي
علماء المسلمين في لبنان تصدر تندد بالاعتداء على أمهات المؤمنين
السابق
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فرع فلسطين يشارك في ملتقى مغاربة لأجل فلسطين

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع