البحث

التفاصيل

مسؤولية الكلمة وأثرها :

مسؤولية الكلمة وأثرها :

الشيخ بشير بن حسن (عضو الاتحاد)

كما وعدتكم أيها القراء الكرام بالردّ على من ينكر عليّ وعلى سائر المتكلمين بلغة اللسان أو الكتابة ، مواكبة لأكثر الأحداث التي تحصل في تونس أو غيرها من بلاد الله وتعالى ، أعني أوضاع المسلمين وأحوالهم ، فيقول هؤلاء السلبيون ( أنتم ما عندكم الا الكلام ) !!

وهؤلاء ابتليت بهم أمتنا الإسلامية في هذا العصر ، كما ظهر مثلهم في بني إسرائيل ، وهي الطائفة التي أنكرت لا على المرتكبين للمنكر بل أنكرت على الناهين عن المنكر!!!

 كما قال تعالى عنهم ( وإذ قالت أمة  منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة الى ربكم ولعلهم يتقون )  !! فهؤلاء ضيعوا البوصلة !! عوضا أن يعينوا الناهين عن المنكر وقفوا ينكرون عليهم و يلزمونهم بالصمت !!

إنها فرقة "سَبتية " متخاذلة  ، لا تتكلم ولا تترك من يتكلم ، بدعوى أن الكلام لا فائدة فيه ولا طائل وراءه !!

هكذا تصوّرهم السطحي الساذج ، وقد جهل هؤلاء أن الكلمة مسؤولية أمام الله تعالى ، فالله عزو جل أمر بالكلام والبيان ،خاصة لمن له نصيب من معرفة وعلم ، قال تعالى( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون)

وقال محذرا من أن نفعل أفعال بني إسرائيل( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون )

بل إن الصامت الكاتم  لقول الحق ملعون لعنات متتابعة حتى يتوب الى الله من صمته وكتمانه وينطق بالحق !!

 قال سبحانه ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون * إلا الذين تابوا وبينوا وأصلحوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ). 

هذه عقوبة السكوت  !!

واتفق أهل العلم أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة .

وهي مسؤولية الجميع في الأصل ، غير أن العلماء والدعاة عليهم النصيب الأوفر من هذه المسؤولية !!

ويجهل هؤلاء الذين يقولون (أنتم ما عندكم الا الكلام )   أثر الكلمة ؛ بل يعتقدون أن الفعل فقط هو المطلوب!! في كل الحالات ! وهذا محض الخطأ،  فإن الله تبارك وتعالى علمنا أن الكلمة أو الكلام يؤثر، و لو بعد حين ، فهذا ابراهيم عليه السلام أمره بقوله ( وأذن في الناس بالحج ...) قال لمن أؤذن؟ ما ههنا أحد؟ قال عليك بالاذان وعلي بالإجابة،  فقام إبراهيم وأذن في واد لا داعي فيه ولا مجيب ، والسؤال الآن هل جاء الناس ؟؟ نعم جاء ويجيء الملايين سنويا يلبون هذا النداء، 

و ها هي نملة تكلمت فزعة على أمتها  فكانت صيحتها سببا لإنقاذ أمة من الهلاك ، قال تعالى في قصة سليمان عليه السلام  ( حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنّكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون )

والكلمة نوع من أنواع الجهاد ، فالجهاد في سبيل الله  تعالى ثلاثة عشر نوعا كما قال الإمام بن القيم، نوع واحد هو بالسيف،  والبقية بالمال واللسان  ، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم  ( جاهدوا المشركين بأنفسكم  وأموالكم  وألسنتكم  )

ولذا كان من الصحابة من يجاهد بلسانه كحسان بن ثابت رضي الله عنه  ، الذي كان ينشد الشعر يهجو به المشركين ،ويقول له النبي صلى الله عليه وسلم  ( اهجهم ومعك روح القدس ) ويقول ( والذي نفسي بيده لكلماتك  أشد عليهم من النضح بالنِبال  ) !!

نعم انه أثر الكلمة !! و هو نوع من أنواع نصرة الحق ودحر الباطل ،

فالمظلوم يجب نصرته بكل وسيلة ومن ذلك الكلمة ، بالتفاعل معه ، و الحديث عن مظلمته ، و جعلها قضية رأي عام ، كالرجل الذي كان له جار يسيء إليه فذهب فاشتكى الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له ( اخرج متاعك على قارعة الطريق ) فاخرج فاجتمع الناس حوله ، فسألوه فأخبرهم بما يعانيه من جاره فجعلوا يسبون  ذاك الظالم ويلعنونه حتى تشوهت سمعته ، فأقبل مسرعا إلى جاره يقول ارجع الى بيتك والله ما آذيتك بعد اليوم ) رواه البخاري في الأدب المفرد .

ولماذا شرع الاسلام عيادة المريض ؟ ماذا سيصنع عائد المريض له ؟ أهو طبيب سيعالجه ؟ لا ، فقط سيزوره ويكلمه ،وكلامه ذاك سبب للتخفيف عنه ، ومشاركته في مصابه  !! فهل عقلتم  أيها العباقرة؟

و لماذا تحضر الجماهير مقابلات الرياضة ، ما دورها ؟ عندها أيضا الا الكلام!! أليس تشجيع الجماهير قد يكون سببا في فوز الفريق الذي شُجّع  ؟ وهكذا ....

إن هؤلاء الفاشلين ، لا يجيدون إلا نقد العاملين ، بحثا عن مجد موهوم ، و بالمناسبة ، كثير من المشايخ يسكتون ويصمتون تجاه هذه الأحداث والنوازل التي حلت بأمتنا ،لكن اذا تعلق الأمر بالرد علي أو على غيري بتِعلة التحذير والانتصار للمنهج الحق كما يزعمون نجدهم لا يترددون ،فإذا بها مقالات و فيديوات  ، !! وهؤلاء لا تسمعون لهم ركزا  الا في مقام الاستقطاب  !! أي أنهم يستغلون ما يعتقدونه هفوة أو خطأ فقهيا ، ولو كان مدللا بدليله ، ليُطلّوا برؤوسهم ويرفعوا عقيرتهم  للردود ،وماذاك  الا لاستقطاب المتابعين لنا أو لغيرنا ليحوزوهم في صفهم !!!، فأي مستوى عند هؤلاء؟؟ وأي سذاجة تلك التي فيهم؟؟

ان الفاشل حينما يعجز عن بناء مجد لنفسه بعمله  ، يذهب فيحاول التسلق على أكتاف غيره ، ليصعد !! ولكن نهايته السقوط المدوي بلا شك .

وأخيرا،  سنتكلم  ونتكلم  ونتكلم ، ما دام فينا رمق حياه

 لا كما يقال ركوبا على الأحداث وإنما مواكبة لها ، ولا أتكلم الا عن الشأن التونسي بالمناسبة ، لأنه ليس في ذهني الا تونس  !!

بل اتكلم في كل أوضاع المسلمين اذا  أسعفنا  الوقت ، وطاوعنا  القلم ،  و استجابت منا القريحة  ،بعد عون الله وتوفيقه.

والله من وراء القصد.


: الأوسمة



التالي
صفات عمر بن الخطاب (التقوى والزهد والورع)
السابق
قضية تطبيق الحدود

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع