ندوة سلام البُعد القبلي والجهوي في الصراعات السياسية وأثره على المجتمع والدولة
الأستاذ ونيس المبروك (عضو مجلس الأمناء)
تتخذ الصراعات الأهلية داخل مجتمعاتنا العربية طابعا مُركبا ، يتداخل فيه السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي ، ويتسم هذا الطابع بالعمق التاريخي في أحيان كثيرة ، إلا أن محركات هذا الصراع لا تقتصر على العامل الداخلي ، بل تلعب العوامل الإقليمية والدولية مُحركاً أساسياً للصراع ، ومستفيدا أكبر من نتائجه ، بل ومهندسا لمساراته ومآلاته في أحيان كثيرة .
هذا اللون من الصراع ليس شأنا عربيا ، بل هو ظاهرة " بشرية " أصابت وتصيب كل المجتمعات الإنسانية ، ولكن نظرا لهشاشة الدول العربية ، وضعف ثقافة المواطنة والدولة والقانون ، زاد من حدة هذا الصراعات وطول أمدها .
في ليبيا كان للبعد الجهوي والقبلي حضور في النزاع الذي اندلع بعد ثورة 17 فبراير 2011م ، بدأ هذا البعد صغيرا ، يتوارى خلف عناوين أخرى ، ويمشي على استحياء ، ثم تفاقم حتى أصبح عاملا بارزا في الصراع ، بل تلون الخطاب الإعلامي والثقافي بلونه دون خجل أو وجل ، وصار يستقطب عددا كبيرا لمنطِقِهِ ومبرراته ، وأضحى مكوناً أساسيا في الخطاب التعبوي للاحتراب .
كانت هناك عدة عوامل ساعدت تكوين المشهد الليبي على هذا النحو ، منها
• أزمة الشرعية الدستورية وضعف العلاقة التعاقدية بين الدولة ومواطنيها
• هشاشة الدولة ومؤسساتها الأمنية .
• التنافس الكبير من القوى الدولية على النفوذ والسيطرة على مقاليد الدولة ومقدراتها .
• ضعف الوعي السياسي وجهل كثير من أبناء الشعب بالتاريخ الاجتماعي
• التجريف الثقافي في سنوات الحكم السابقة
• الجهل الكبير بتعاليم الدين ، وبخاصة فيما يتعلق بالجوانب السياسية وإدارة الخلاف
• الخطاب الإعلامي المحرض على الكراهية وتغذية النزاعات الجهوية والقبلية .
كل هذه العوامل وغيرها ، زاد من طبيعة الصراع الأهلي داخل القطر الليبي ، مما أوجب على النخب الوطنية ، والمثقفين الجادين ، تناول هذه القضايا ، وطرحها على مائدة النقاش العلمي الموضوعي ، وتسليط أدوات البحث الجاد على جذورها وتطوراتها وآثارها ومآلاتها ...
حول هذه القضايا ستكون هذه الندوة ، وفي تقديري أنها منشط في الاتجاه الصحيح ، متمنيا أن تبلغ بعض مراميها .